للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والشبهة التي تعرض بهذه المناسبة لبعض طلبة العلم أنه وقت كراهة، فكيف يجوز صلاة التحية.

جوابنا من ناحيتين، الناحية الأولى: هي استنباطية، والأخرى: قياسية، من باب القياس الأ ولوي.

أما الناحية الأولى: فهناك قاعدة ذكرها علماء الحديث في علم المصطلح، ونص عليها شيخ الإسلام إبن تيمية في التوفيق بين حديث التحية وبين حديث النهي عن الصلاة في الأوقات المعروفة.

يقول علماء الحديث ومعهم ابن تيمية: إنه إذا جاء حديثان متعارضان، ولا يُمكن التوفيق بينهما إلا بتسليط أحدهما على الآخر، أو بعبارة أخرى بتخصيص أحد النصين العامين بالآخر فأيُّهما يصلح أن يخصَّص، وأيُّهما يصلح أن يكون هو المخصِّص؟ قالوا: إذا كان أحد النصين العامين قد دخله تخصيص، والنص العام الآخر لم يدخله تخصيص، خُصِّص النص العام المُخَصَّص نصوص أخرى، بالنص العام غير الُمخَصَّص.

ومثاله: ما نحن فيه قوله عليه السلام «إذا دخل أحدكم المسجد، فلا يجلس حتى يصلي ركعتين» نص عام؛ لأنه إذا ظرفية، في أيّ ظرف وفي أيّ حالة وفي أي وقت، معنى الحديث دخلت المسجد فصلي ركعتين.

هذا نص عام يعارض هذا النص العام «لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، ولا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس».

أيضا هذا نص عام ينهى عن كل صلاة في هذين الوقتين، فهل نُخصص حديث التحية بحديث النهي عن الصلاة في هذين الوقتين، أم نُخَصِّص حديث النهي عن الصلاة في هذين الوقتين بحديث التحية.

الجواب هو هذا؛ والسبب أن حديث النهي عن الصلاة في الوقتين، ليس على عمومه وشموله، فقد خُصِّص بِمُخَصِّصات كثيرة وكثيرة جدًا، مثلا: «من نسي

<<  <  ج: ص:  >  >>