«أن سعد بن عبادة رضي الله عنه استفتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن أمي ماتت وعليها نذر؟ فقال: اقضه عنها».
قلت: وهذه الأحاديث صريحة الدلالة في مشروعية صيام الولي عن الميت صوم النذر، إلا أن الحديث الأول يدل بإطلاقه على شئ زائد على ذلك وهو أنه يصوم عنه صوم الفرض أيضا. وقد قال به الشافعية، وهو مذهب ابن حزم «٧/ ٢، ٨» وغيرهم.
وذهب إلى الأول الحنابلة، بل هو نص الإمام أحمد، فقال أبو داود في «المسائل»«٩٦»:
«سمعت أحمد بن حنبل قال: لا يصام عن الميت إلا في النذر».
وحمل أتباعه الحديث الأول على صوم النذر، بدليل ما روت عمرة: أن أمها ماتت وعليها من رمضان فقالت لعائشة: أقضيه عنها؟ قالت: لا بل تصدقي عنها مكان كل يوم نصف صاع على كل مسكين. أخرجه الطحاوي «٣/ ١٤٢» وابن حزم «٧/ ٤» واللفظ له بإسناد قال ابن التركماني: «صحيح» وضعفه البيهقي ثم العسقلاني، فإن كانا أرادا تضعيفه من هذا الوجه، فلا وجه له، وإن عنيا غيره، فلا يضره، وبدليل ما روى سعيد بن جبير عن ابن عباس قال:«إذا مرض الرجل في رمضان، ثم مات ولم يصم، أطعم عنه ولم يكن عليه قضاء وإن كان عليه نذر قضى عنه وليه». أخرجه أبو داود بسند صحيح على شرط الشيخين، وله طريق آخر بنحوه عند ابن حزم «٧/ ٧» وصحح إسناده. وله طريق ثالث عند الطحاوي «٣/ ١٤٢»، لكن الظاهر أنه سقط من متنة شئ من الناسخ أو الطابع ففسد المعنى.
قلت: وهذا التفصيل الذي ذهبت إليه أم المؤمنين: وحبر الأمة ابن عباس رضي الله عنهما وتابعهما إمام السنة أحمد بن حنبل هو الذي تطمئن إليه إلنفس،