وقد جاء بيان صفة الأخذ في السنة العملية؛ فإليها المرجع في تفسير النصوص القولية المختلف في فهمها؛ فإن من القواعد المقررة: أن الفعل يبين القول حتى لو كان من كلام الله تعالى. وإليك ما وقفت عليه من السنة:
أولاً: عن المغيرة بن شعبة قال: ضفت النبي - صلى الله عليه وسلم - ذات ليلة .. وكان شاربي وفى، فقصه لي على سواك. رواه أبو داود وغيره. وإسناده صحيح، وهو مخرج في «صحيح أبي داود ١٨٢» و «مختصر الشمائل ١٤٠».
وفي رواية للطحاوي والبيهقي: فدعا بسواك وشفرة، فوضع السواك تحت الشارب، فقص عليه.
ثانيا: عن أيوب السختياني عن يوسف بن طلق بن حبيب: أن حجاماً أخذ من شارب النبي - صلى الله عليه وسلم -، فرأى شيبة في لحيته ... الحديث. رواه ابن سعد في «الطبقات ١/ ٤٣٣».
قلت: ورجاله ثقات؛ غير يوسف بن طلق بن حبيب؛ فلم أعرفه! ومن المحتمل أن يكون قوله:«يوسف بن» خطأ من الناسخ أو الطابع، أو محرفاً عن شيء؛ كأن يكون «أبي يوسف طلق بن حبيب»؛ فإن طلقاً هذا قد ذكر المزي في الرواة عنه من «تهذيبه»: أيوب السختياني. فإذا ثبت هذا الاحتمال؛ فيكون الإسناد صحيحاً مرسلاً؛ فهو شاهد قوي لما قبله.
ثالثاً: عن مندل عن عبد الرحمن بن زياد عن أشياخ لهم قالوا: كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأخذ الشارب من أطرافه. أخرجه ابن سعد «١/ ٤٤٩».
لكن مندل هذا - وهو ابن علي العنزي - ضعيف لسوء حفظه. وعبد الرحمن بن زياد لم أعرفه، ويحتمل أن يكون عبد الرحمن بن زياد؛ تابعي روى له الترمذي. أو عبد الرحمن بن زياد مولى بني هاشم، وكلاهما مقبول عند الحافظ. والله أعلم.