أما الحديث المعروف:«لعن الله زائرات القبور» فالحديث مروي بلفظين اثنين: اللفظ الأول هو هذا: «زائرات»، وهو ضعيف، أما اللفظ الآخر، فهو بلفظ:«زَوَّارات»، أي: اللاتي يُكثرن الزيارة.
وهذا الإكثار عادةً لا يكون لتحقيق الغاية التي من أجلها أَذِن النبي - صلى الله عليه وسلم - بالزيارة للجنسين «تذكر الآخرة» هذا الإكثار كما نراه نحن مشاهداً في كثير من المناسبات كالأعياد ونصف شعبان ونحو ذلك، يجلسن حول القبر ويتخذن ذلك المكان مقهى، يتحدثون في جلوسهم هذا شتى الأحاديث.
فإذاً: الحديث يصح، بلفظ:«زَوَّارات القبور»، والمعنى هذا لا يُنَافي الإذن العام وإنما يُخَصِّصه ويُبَيِّن أن الزيارة التي يُراد بها تَذَكُّر الآخرة، فهي مشروعة، لكن الإكثار والمبالغة فهذا منهي عنه، هذا جواب ما سألت.
مداخلة: طيب، في حد للإكثار؟
الشيخ: لا ما في. نعم.
مداخلة: شيخنا مثلاً: أنت قلت: لزيارة النساء شرطان، هما: أن تكون متجلببة، والثانية للعظة والعبرة، لكن امرأة تذهب لزيارة قبر والدها أو زوجها، مع وُجود مقبرة قرب بيتهم، وهي تشد الرحل لهذا، فهل هذا يجوز مع وجود مقبرة عند بيتهم؟
الشيخ: لا، هو يجوز يجوز، لكن ..
مداخلة: تخصيص قبر زوجها ..
الشيخ: الله يهديك اصبر، هو قضية يجوز يجوز، لكن تخصيصها بزيارة أبيها أو قريبها دون زيارة المقابر.
حينئذٍ هذا التخصيص مع أنه دون مُخَصِّص فهو يُشعر أن الزيارة هذه ليست لِتَذَكُّر الآخرة، وإنما أحسن ما يقال فيها: هي بباعث العاطفة فقط، وليس بباعث العلم والدين.