للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمشي على جمرة أو سيف، أو أخصف نعلي برجلي (١) أحب إلي من أن أمشي على قبر مسلم، وما أبالي أوسط القبور قضيت حاجتي أو وسط السوق».

الثامن: عن أبي مرثد الغنوي قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «لا تصلوا إلى القبور، ولا تجلسوا عليها».

وفي هذه الاحاديث الثلاثة دليل على تحريم الجلوس والوطء على قبر المسلم، وهو مذهب جمهور العلماء على ما نقله الشوكاني «٤/ ٥٧» وغيره، لكن حكى النووي والعسقلاني عنهم الكراهة فقط، وهو نص الامام الشافعي في «الأم» وكذلك نص الامام محمد في «الآثار» «ص ٤٥» على الكراهة وقال: «وهو قول أبي حنيفة».

قال الشافعي رحمه الله «١/ ٢٤٦»: «وأكره وطء القبر والجلوس والاتكاء عليه، إلا أن لا يجد الرجل السبيل إلى قبر ميته إلا بأن يطأه فذلك موضع ضرورة، فأرجو حينئذ أن يسعه إن شاء الله تعالى، وقال بعض أصحابنا: لا بأس بالجلوس عليه، وإنما نهي عن الجلوس عليه للتغوط! وليس هذا عندنا كما قال، وإن كان نهي عنه للمذهب فقد نهي عنه مطلقا لغير المذهب».

وكان الشافعي رحمه الله يشير إلى إلامام مالك رحمه الله فإنه صرح في «الموطأ» بالتأويل المذكور، ولا شك في بطلانه كما بينه النووي فيما نقله الحافظ «٣/ ١٧٤».

قلت: والكراهة عندهما إذا أطلقت فهي للتحريم، وهذا أقرب إلى الصواب من القول بالكراهة فحسب، والحق القول بالتحريم لأنه الذي ينص عليه حديث أبي هريرة وعقبة. لما فيهما من الترهيب الشديد، وبهذا قال جماعة من الشافعية، منهم النووي، وإليه ذهب الصنعاني في «سبل السلام» «١/ ٢١٠»، ومال الفقيه ابن حجر الهيتمى في «الزواجر» «١/ ١٤٣» إلى أنه كبيرة، لما أشرنا إليه من الوعيد الشديد، وليس ذلك عن الصواب ببعيد.

أحكام الجنائز [٢٦٠]


(١) أي وذلك أمر صعب شدبد إن أمكن. [منه].

<<  <  ج: ص:  >  >>