للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والقبرين لا يمنع من الصلاة، لأنه لا يتناوله اسم المقبرة، وإنما المقبرة ثلاثة قبور فصاعدا.

وليس في كلام أحمد وعامة أصحابه هذا الفرق، بل عموم كلامهم وتعليلهم واستدلالهم يوجب منع الصلاة عند قبر واحد من القبور، وهو الصواب، والمقبرة كل ما قبر فيه، لا أنه جمع قبر.

وقال أصحابنا: وكل ما دخل في اسم المقبرة مما حول القبور لا يصلى فيه، فهذا يعين أن المنع يكون متناولا لحرمة القبر المنفرد وفنائه المضاف إليه.

وذكر الامدي وغيره: أنه لا تجوز الصلاة فيه أي المسجد الذي قبلته إلى القبر حتى يكون بين الحائط وبين المقبرة حائل آخر.

وذكر بعضهم: هذا منصوص أحمد».

وفي كلام الشيخ رحمه الله التصريح بأن علة النهي عن الصلاة في المقبرة إنما هي سد الذريعة، وهذا أحد قولي العلماء في ذلك، والقول الآخر أن العلة إنما هي نجاسة أرض المقبرة! وهما قولان في مذهب الحنفية، وقد نظر ابن عابدين في «الحاشية» «١/ ٣٥٢» في الثاني منهما، وذلك لأن الاستحالة مطهرة عندهم، فكيف تكون هذه العلة صحيحة! ؟ ولا شك عندنا أن القول الأول هو الصحيح، وقد بين ذلك شيخ الاسلام في كتبه، واستدل له بما لا تجده عند غيره، فراجع مثلا كتابه «اقتضاء الصراط المستقيم» «١٥٢، ١٩٣»، وعليه مشى في «الحانية» من كتب الحنفية، وأشار إليه الطحاوي في حاشيته على «مراقي الفلاح» فقال عند قول الشارح «وتكره الصلاة في المقبرة» «١/ ٢٠٨» «بتثليث الباء، لأنه تشبه باليهود والنصارى، قال - صلى الله عليه وسلم -: لعنة الله على اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، وسواء كانت فوقه أو خلفه أو تحت ما هو واقف عليه. ويستثنى مقابر الأنبياء عليهم السلام فلا تكره الصلاة فيها مطلقا منبوشة أو لا، بعد أن لا يكون القبر في جهة القبلة، لأنهم أحياء في قبورهم»!

<<  <  ج: ص:  >  >>