للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ: الجواب: التسوية التي جاء ذكرها في حديث فضالة بن عبيد رضي الله عنه الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بتسوية القبور، إنما المقصود بهذا الأمر، هو هدم ما يُبْنَى على القبور، بناءً مخالفاً للشرع.

لأنه ثبت في صحيح مسلم وغيره من حديث جابر: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن البناء على القبر، لكن مقابل هذا النهي ثبت أن السنة أن يرفع القبر عن الأرض، ولا يُسَوّى بالأرض، وإنما يُرفع بمقدار شبر أو شبرين، وهذا في الواقع الحكمة منه ظاهرة جداً، حتى يتميز القبر من سائر الأرض، فلا يُعَامَل كما تعامل أيّ قسم من الأرض.

وحينئذٍ يكون المسلم في منجي من مخالفة الرسول عليه السلام، بل ومخالفته مخالفة مزدوجة في قوله عليه السلام: «لا تجلسوا على القبور، ولا تصلوا إليها».

فلو أن القبر كان مسوىً بالأرض، لربما صلى عليه الإنسان، فخالف نهي الرسول عليه السلام أو صلى إليه، وإذا جلس عليه فقد ارتكب المحظور الآخر في الحديث: «لا تجلسوا على القبور، ولا تصلوا إليها»، وفي أحاديث أخرى وإن كانت خارج الصحيح فهي ثابتة، أنه نهى عن الصلاة «حصل هنا انقطاع صوتي».

الشيخ: فإذاً: من الحكمة البَيِّنة الواضحة أن يكون القبر مرتفعاً عن الأرض بمقدار شبر أو شبرين؛ لتمييزه.

ففي مثل هذا القبر لا يأتي الأمر بالتسوية، وإنما يأتي هذا الأمر بالنسبة للقبور التي رُفِعت، وبُني عليها مخالفة هذه الشريعة. إلى هنا أظن وضح الأمر ..

لنعود إلى ذاك النفر الذي سمعت أو قرأت ما أدري، أن الحكومة الكويتية ألقت القبض عليهم، وأنا أقول: إن كان إلقاء القبض عليهم؛ لأنهم خالفوا الشرع، فهذا خطأ، وإن كان القبض عليهم؛ لأنهم قاموا بما لا ينبغي لفرد من الأفراد أن يقوم به؛ خشية أن تثور الثورة بين الأمة؛ لأنه هذا يتعصب لهذا الحكم الثابت في السنة، وآخر ربما يتعصب لرأي لبعض العلماء المتخلفين أو المتأخرين في الأمة ..

<<  <  ج: ص:  >  >>