للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رواه الحاكم في «الكنى» كما في «الجامع الصغير» ورمز لحسنه كما قال المناوي في شرحه ولكن النفس لا تطمئن لتحسين السيوطي له لما عرف من تساهله فراجع «المقدمة: القاعدة الثامنة».

ثم وقفت على سند الحديث وتبين لي أنني كنت على صواب في عدم الاعتماد على تحسينه وقد كشفت عن علته في «الصحيحة» تحت الحديث ١٢٤٤ وحكمت بوضعه فأوردته في «ضعيف الجامع الصغير ٥٦٥١» وهو كتاب حافل بالأحاديث الضعيفة والموضوعة لا مثيل له. والله الموفق.

وخلاصة القول أنه لا يجوز معارضة الأحاديث الصحيحة المتضمنة لجواز الخضاب واستحبابه بهذه الأحاديث الضعيفة ولو صح شيء منها لوجب التوفيق بينها بوجه من وجوه الجمع بين الأحاديث وما أكثرها والوجه هنا أن يقال: إن التغيير المذكور في الحديث الأول والثالث هو النتف وهو منهي عنه صراحة في رواية أحمد للحديث الثاني. أو هو الخضب بالسواد فإنه منهي عنه. وبهذا شرح الحديثان انظر الخطابي في «المعالم» والمناوي في «الفيض» وقال ابن القيم في «تهذيب السنن ٦/ ١٠٣»: «والصواب أن الأحاديث في هذا الباب لا اختلاف بينها بوجه فإن الذي نهى عنه الرسول - صلى الله عليه وسلم - من تغيير الشيب أمران: أحدهما: نتفه. والثاني: خضابه بالسواد كما تقدم. والذي أذن فيه هو صبغه وتغييره بغير السواد كالحناء والصفرة وهو الذي عمله الصحابة رضي الله عنهم».

قال: «وأما الخضاب بالسواد فكرهه جماعة من أهل العلم وهو الصواب بلا ريب لما تقدم وقيل للإمام أحمد: تكره الخضاب بالسواد؟ قال: إي والله.

ورخص فيه آخرون ومنهم أصحاب أبي حنيفة وروي ذلك عن الحسن والحسين وفي ثبوته عنهم نظر ولو ثبت فلا قول لأحد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسنته أحق بالاتباع ولو خالفها من خالفها».

قلت: وللأحاديث المتقدمة في الحض على الخضاب كثر اشتغال السلف بهذه السنة فترى المؤرخين في التراجم لهم يقولون: «وكان يخضب» و «كان لا يخضب»

<<  <  ج: ص:  >  >>