للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قلت: أما الصبغ بغير السواد فهو ثابت عنهم وهو الموافق لفعله - صلى الله عليه وسلم - وقوله.

وأما قوله: «وخضب جماعة منهم بالسواد».

قلت: إن ثبت هذا عنهم فلا حجة في ذلك لأنه خلاف السنة الثابتة عنه - صلى الله عليه وسلم - فعلا وقولا وقد قال تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ}. . . الآية [النساء: ٥٩]. ومن الثابت عن كبار الصحابة كأبي بكر وعمر الصبغ بالحناء والكتم كما تقدم فالأخذ به هو الواجب لموافقته للسنة دون فعل من خالفهما من الصحابة الذين أشار إليهم المؤلف ولا سيما وفي ثبوت ذلك عن بعضهم نظر كما تقدم عن ابن القيم رحمه الله تعالى ولذلك قال النووي في «المجموع ١/ ٢٩٤»:

«اتفقوا على ذم خضاب الرأس أو اللحية بالسواد وظاهر عبارات أصحابنا أنه مكروه كراهة تنزيه والصحيح بل الصواب أنه حرام وممن صرح بتحريمه صاحب «الحاوي» قال النووي: «ودليل تحريمه حديث جابر ... ».

ثم ذكر حديثه الآتي في الكتاب بلفظ: «وجنبوه السواد».

ولكن المؤلف - عفا الله عنا وعنه - تأوله تأويلا أبطل به دلالته ويأتي الرد عليه قريبا بإذنه عز وجل.

قوله: «ذكر الحافظ في «الفتح» عن ابن شهاب الزهري أنه قال: كنا نخضب بالسواد إذا كان الوجه حديدا فلما نفض الوجه والأسنان تركناه».

فأقول: هذا إن ثبت إسناده إلى الزهري فلا حجة فيه لأنه مقطوع موقوف عليه ولو أنه رفعه لم يحتج به أيضا لأنه يكون مرسلا فالعجب من المؤلف كيف يتعلق بمثله ليرد دلالة حديث جابر الآتي بعد هذا إن شاء الله تعالى مع الرد عليه.

ولقد أفصح الشيخ يوسف القرضاوي في كتابه «الحلال والحرام» عن الغرض من ذكره لهذا الأثر في كتابه فإنه استشهد به على أن الأمر في قوله - صلى الله عليه وسلم -: «وجنبوه السواد» خاص بالشيخ الكبير الذي عم الشيب رأسه ولحيته وقد رددت عليه في «غاية المرام ص ٨٣ - ٨٤» فليراجعه من شاء.

<<  <  ج: ص:  >  >>