للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحمد وأصحاب السنن والحكم وقال: صحيح على شرط مسلم وحسنه الترمذي».

قلت: اختلف العلماء في هذا الحديث فقواه من ذكر المؤلف وقال مالك: «هذا كذب».

وضعفه الإمام أحمد كما في «تهذيب السنن» وقال النسائي:

«هو حديث مضطرب» وبه أعله الحافظ في «بلوغ المرام» فقال: «ورجاله ثقات إلا أنه مضطرب وقد أنكره مالك».

وقد بين الاضطراب فيه الحافظ في «التلخيص» ٦/ ٤٧٢ فليراجعه من شاء.

ثم تبين لي أن الحديث صحيح وأن الاضطراب المشار إليه هو من النوع الذي لا يؤثر في صحة الحديث لأن بعض طرقه سالم منه وقد بينت ذلك في «إرواء الغليل» ٩٦٠ بيانا لا يدع مجالا للشك في صحته.

وتأويل الحديث بالنهي عن صوم السبت مفردا يأباه قوله: «إلا فيما افترض عليكم» فإنه كما قال ابن القيم في «تهذيب السنن»: «دليل على المنع من صومه في غير الفرض مفردا أو مضافا» لأن الاستثناء دليل التناول وهو يقتضي أن النهي عنه يتناول كل صور صومه إلا صورة الفرض ولو كان إنما يتناول صورة الأفراد لقال: لا تصوموا يوم السبت إلا أن تصوموا يوما قبله أو يوما بعده كما قال في الجمعة فلما خص الصورة المأذون فيها صومها بالفريضة علم تناول النهي لما قابلها».

قلت: وأيضا لو كانت صورة الاقتران غير منهي عنها لكان استثناؤها في الحديث أولى من استثناء الفرض لأن شبهة شمول الحديث له أبعد من شموله لصورة الاقتران فإذا استثني الفرض وحده دل على عدم استثناء غيره كما لا يخفى.

وإذ الأمر كذلك فالحديث مخالف للأحاديث المبيحة لصيام يوم السبت كحديث ابن عمرو الذي قبله ونحوه مما ذكره ابن القيم تحت هذا الحديث في بحث له قيم أفاض فيه في ذكر أقوال العلماء فيه وانتهى فيه إلى حمل النهي على إفراد يوم السبت بالصوم جمعا بينه وبين تلك الأحاديث وهو الذي ملت إليه في «الإرواء».

<<  <  ج: ص:  >  >>