فقال رحمه الله:«وليس مراده بهذا من صام الأيام المحرمة ... »».
وذكر نحوه الحافظ في «الفتح: ٤/ ١٨٠».
قوله في تمام بحثه السابق:«وقد أقر النبي - صلى الله عليه وسلم - حمزة الأسلمي على سرد الصيام وقال له: «صم إن شئت وأفطر إن شئت» وقد تقدم».
قلت: نعم تقدم الحديث تحت الكلام عمن يرخص لهم في الفطر ... ولكن بلفظ آخر وليس فيه السرد جاء ذلك في رواية لمسلم بلفظ:«قال يا رسول الله إني رجل أسرد الصوم؟ أفأصوم في السفر؟ قال: «صم إن شئت وأفطر إن شئت».
ورواه ابن خزيمة ٢١٥٣.
ولا دليل في الحديث على ما ذهب إليه المؤلف لأنه لا تلازم بين السرد وصوم الدهر وقد ذكر الحافظ في «الفتح» استدلال بعض العلماء على الجواز بحديث حمزة هذا ثم عقب عليه بقوله:
«وتعقب بأن سؤال حمزة إنما كان عن الصوم في السفر لا عن صوم الدهر ولا يلزم من سرد الصيام صوم الدهر فقد قال أسامة بن زيد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يسرد الصوم فيقال: «لا يفطر». أخرجه أحمد ومن المعلوم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يكن يصوم الدهر فلا يلزم من ذكر السرد صيام الدهر».
ثم قوله أيضا:«والأفضل أن يصوم يوما ويفطر يوما فإن ذلك أحب الصيام إلى الله».
قلت: فهذا من الأدلة على كراهة صوم الدهر مع استثناء الأيام المحرمة إذ لو كان صوم الدهر هذا مشروعا أو مستحبا لكان أكثر عملا فيكون أفضل إذ العبادة لا تكون إلا راجحة فلو كان عبادة لم يكن مرجوحا