خطاب للأمة كلها، ومعلوم بداهة أن الأمة كلها لا يمكن أن ترى الهلال، وإنما يراه عادةً منها فرد أو أكثر.
فإذاً: صوموا أيتها الأمة لرؤية واحد منكم أو أكثر، وهذا طبعاً اختلف العلماء، هل تثبت رؤية الهلال برؤية فرد واحد أم لا؟ هناك خلاف كثير.
ونحن نرى أن الأمر يعود إلى القاضي الشرعي الذي يحكم بما أنزل الله، ومن ذلك أنه إذا جاءه شاهد واقتنع بشهادته، أولاً: أنه رجل صالح وليس بفاسق، بذنب من الذنوب التي يُفْسُق بها المسلم، هذا أولاً، وثانياً: يثق بيقظته ونباهته؛ لأن هذه النقطة يجب أن يرعاها القاضي، ولا يكتفي بصلاح الشاهد، بل لا بد أن يدرس أيضاً يقظته ونباهته، وإلا فقد يكون شأن بعض الرائين أو الشهود للقمر، شأن ذاك الرجل الذي جاء إلى عمر يشهد بأنه رأى الهلال، قال: أين رأيته؟ قال: في المكان الفلاني، فذهب معه، وإذا هو لا يرى شيئاً، وإذا به عمر يؤكد في بصره، فيرى شعره من حاجبه قد نزلت على عينه، وإذا هو يتوهم الشعرة النازلة على عينه هي القمر.
نحن لا يهمنا القصة هل هي صحيحة أو غير صحيحة، إنما نأخذ منها عبرة، أن مثل هذا من الممكن أن يقع.
فلذلك: فالقاضي يجب أن يكون أولاً عالماً بالكتاب والسنة، وأن يكون بصيراً، فلا يقبل شهادة أيَّ إنسان لا دقة عنده في المشاهدة وفي النظر.
فإذا أثبت هذا القاضي الشرعي هلال رمضان في أيّ بلد من بلاد الإسلام، فعلى كل بلاد الإسلام أن يصوموا لهذه الرؤية، ولا يتفرقوا كما وقع عندكم هناك، لكن لا غرابة أن يقع هذا في أمريكا، هذا يقع في بلاد الإسلام، فوقع هنا، هنا بعضهم يصومون مع السعودية، وبعضهم يصومون مع الرؤية البلدية .. وهكذا.
لهذا: المشكلة أنه لا يوجد عند المسلمين توعية عامة، لا أعني بها أن يكون المسلم عالمًا بكل مسألة، هذا مستحيل؛ لأن هذه قضية اختصاص، لكن شيء يتكرر كل سنة، ويقع خلافات حوله كل سنة، لا بد أن يكون هناك وعي عام حول هذه القضية،