للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حقيقة لها؛ لأنها لا تحكم بما أنزل الله، ومن الأدلة على ذلك أن كل دولة تصوم لوحدها، ليس هناك ارتباط، ويصيحون ويزعقون بالوحدة والوحدة، وهم غير صادقين فيما يقولون؛ لأن أبسط شيء كان بإمكانهم يوحِّدوه الأعياد والدخول في شهر الصيام، والخروج منه، لكنهم لا يفعلون.

وحينئذٍ: ما دام ليس بإمكان الشعوب الإسلامية أن تتوحد في الصيام وفي الإفطار بسبب اختلاف الحكومات، حينئذٍ فكل دولة أو كل شعب ينبغي أن يصوم لرؤية هلاله، أما أن ينقسم أهل البلد الواحد إلى قسمين، يكفينا أن انقسمنا إلى دويلات، فما يبقى علينا غير أن كل بلدة أيضاً نجعلها قسمين، وهذا واقع مع الأسف، فناس يصومون مع السعودية، وناس يصومون مع سوريا .. إلى آخره، هذا ما ينبغي أن يكون.

كما قلنا -آنفاً- في بعض الأجوبة السابقة: إن المسلم إذا وقع بين شرين اختار أقلهما شراً، فالآن أن يصوم أهل البلد لوحدهم خير من أن ينقسموا بعضهم على بعض، هذا أَشَر إذا صح التعبير لغةً، لكن الأفضل أن يصوم هذا البلد مع ذاك البلد، هذه الدولة مع تلك الدولة، ويصبح العالم الإسلامي كله في صيام أو كله بعيد، لكن هذا غير ممكن، نأسف لذلك كل الأسف، لكن: {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦].

فأهل البلد الواحد باستطاعتهم أن الدولة إذا أعلنت الصيام يوم كذا صام الشعب كله، ولو كان هذا الإعلان غير شرعي، أي: غير ثابت شرعاً؛ لأن الأمر بيد الدولة، وليس بيد فرد من الأفراد كالحدود الشرعية، لو تولى إقامتها الأفراد لظهر الفساد في البر والبحر.

فالدول الآن أكثرها لا تقيم الحدود، فهل يتولى الأفراد إقامة الحدود إذا واحد قتل آخر يقوم أقاربه يقتلون القاتل، سيزيد الفساد فساداً.

لذلك: فالصوم لأهل البلد يكون جميعاً، يصومون أو يفطرون، ولا يجوز أن ينقسموا.

<<  <  ج: ص:  >  >>