الجواب: ما دام أنهم يرون الفجر ويرون غروب الشمس، فلا بد لهم من الصيام، ولو كثرت الساعات وبلغت العشرين أو قريبا من ذلك.
ولكن لا يخفى أن أيَّ حكم شرعي، إنما هو في حدود «اتقوا الله ما استطعتم».
فمن كان يستطيع أن يصوم في تلك البلاد عشرين ساعة، ما دام اليوم بعد طلوع الفجر يبلغ هذه الساعات، فلا بد لهم من الصيام.
وأنا في اعتقادي أن الأمر هناك سهل؛ لأن الصعوبة إنما تُتَصَوّر بالنسبة للبلاد الحارة التي يتعرض فيها الإنسان الصائم إلى الشرب من الماء.
أما في البلاد الباردة فالصيام الطويل لهذه الساعات الكثيرة، ليس صعبا كما أتصور أنا الموضوع.
مع ذلك فنحن نضع القاعدة: فمن لا يستطيع أن يصوم فحكمه أحد الأمرين.
إما أن نُلحقه بالشيخ العجوز الفاني الذي لا يستطيع أن يصوم ولو في البلاد المعتدلة، مع هذا يُكَفِّر عن كل يوم إطعام مسكين.
وإما أن يستطيع أن يستغل الوقت الذي ينقلب طول النهار إلى نهار قصير فيَسْهُل عليه الصيام، فيقضي يومئذٍ ما فاته من الصيام، شأنه في ذلك شأن المريض الذي يُرْجَى شفاؤه، وليس المريض الميؤوس شفاؤه، فالمريض الميئوس شفاؤه يُلحق بالشيخ العاجز الفاني، فيُكَفِّر عن كل يوم إطعام مسكين، أما المريض الذي يرجى شفاؤه فهو كما قال تعالى {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}[البقرة: ١٨٤].
فهؤلاء الناس الذين يعيشون في ذلك الوقت الطويل نهاره، وفي رمضان، منهم من يستطيع ومنهم من لا يستطيع أن يصوم أداءً.
فالذي لا يستطيع أن يصوم أداءً يصوم قضاءً إن استطاع، وإلا فحكمه حكم العاجز الذي يُكَفِّر عن كل يوم إطعام مسكين.