للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

طبقا لحديث أبي داود، فالاستدلال به لما قلنا أولى كما لا يخفى على أولي النهى. ولذلك قال المحقق أبو الحسن السندي في حاشيته على «ابن ماجه» «١/ ٥٢٨ - ٥٢٩» ما مختصره: «الأحاديث دالة على أن صوم يوم عاشوراء كان فرضا، من جملتها هذا الحديث، فإن هذا الاهتمام يقتضي الافتراض. نعم الافتراض منسوخ بالاتفاق وشهادة الأحاديث على النسخ. واستدل به على جواز صوم الفرض بنية من النهار، لا يقال صوم عاشوراء منسوخ فلا يصح الاستدلال به. لأنا نقول: دل الحديث على شيئين: أحدهما: وجوب صوم عاشوراء. والثاني: أن الصوم واجب في يوم بنية من نهار، والمنسوخ هو الأول، ولا يلزم من نسخه نسخ الثاني، ولا دليل على نسخه أيضا. بقي فيه بحث: وهو أن الحديث يقتضي أن وجوب الصوم عليهم ما كان معلوما من الليل، وإنما علم من النهار، وحينئذ صار اعتبار النية من النهار في حقهم ضروريا، كما إذا شهد الشهود بالهلال يوم الشك، فلا يلزم جواز الصوم بنية من النهار بلا ضرورة» أهـ. قلت: وهذا هو الحق الذي به تجتمع النصوص، وهو خلاصة ما قال ابن حزم رحمه الله في «المحلى» «٦/ ١٦٦» وقال عقبه: «وبه قال جماعة من السلف كما روينا من طريق ...

عبد الكريم الجزري أن قوما شهدوا على الهلال بعد ما أصبح الناس، فقال عمر بن عبد العزيز: من أكل فليمسك عن الطعام، ومن لم يأكل فليصم بقية يومه». قلت: وأخرجه ابن أبي شيبة في «المصنف» «٣/ ٦٩» وسنده صحيح على شرط الشيخين. وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، فقال في «الاختيارات العلمية» «٤/ ٦٣ - الكردي»: «ويصح صوم الفرض بنية النهار إذا لم يعلم وجوبه بالليل، كما إذا قامت البينة بالرؤية في أثناء النهار، فإنه يتم بقية يومه ولا يلزمه قضاء وإن كان أكل» وتبعه على ذلك المحقق ابن القيم، والشوكاني، فمن شاء زيادة بيان وتفصيل فليراجع «مجموع الفتاوى» لابن تيمية «٢٥/ ١٠٩ و ١١٧ - ١١٨» و «زاد المعاد» لابن القيم «١/ ٢٣٥» و «تهذيب السنن» له «٣/ ٣٢٨» و «نيل الأوطار» للشوكاني «٤/ ١٦٧». وإذا تبين ما ذكرنا، فإنه تزول مشكلة كبرى من مشاكل المسلمين اليوم، ألا وهي اختلافهم في إثبات هلال رمضان بسبب اختلاف المطالع، فإن من المعلوم أن الهلال حين يرى في مكان فليس من الممكن أن يرى في كل مكان، كما إذا رؤي في المغرب فإنه لا يمكن أن يرى في المشرق، وإذا كان الراجح عند العلماء أن حديث

<<  <  ج: ص:  >  >>