للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بصلاة المغرب، هو نَفَذّ هذين الأمرين تنفيذاً رائعاً وسهلاً جداً، ذلك ما ثبت عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه: «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا غربت الشمس أفطر على تمرات وجعلها وتراً، فإن لم يجد فعلى جرعات من ماء، ثم يصلي».

إذاً: استطاع أن يجمع بين الأمرين: التعجيل بالإفطار والتعجيل بالصلاة، وهكذا يجب على المحبين لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حُبًّا صادقاً كما أشار ربنا عز وجل إلى ذلك في الآية الكريمة المعروفة: {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ} [آل عمران: ٣١] فمحبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنما تتحقق باتباع سنته سواء كانت هذه السنة فرضاً أو نفلاً، كل ذلك سنة النبي - صلى الله عليه وسلم -.

فإذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يُعَجِّل بالإفطار ويعجل بأداء صلاة المغرب فالسنة في تنفيذ الأمرين على عجل معاً، ثم هناك حديث آخر يُوَضِّح مبلغ اهتمام النبي - صلى الله عليه وسلم - بالتعجيل بالإفطار.

جاء في صحيح البخاري أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان في سفر فغربت الشمس فقال عليه الصلاة والسلام لأحد أصحابه: «اجدح لنا اجدح لنا» أي: هيئ لنا الإفطار من السويق، «قال له: يا رسول الله أمامك نهار» يعني: ضوء النهار في المغرب لا يزال واضحاً، وإن كانت الشمس قد غربت فعلاً، فأكد النبي عليه السلام عليه أمره السابق: «اجدح لنا» ثلاث مرات، في كل مرة يقول الرجل: أمامك نهار، والنبي - صلى الله عليه وسلم - يكرر عليه أمره، قال الراوي: «فأفطرنا، حتى لو أن أحدنا ركب على ناقته لرأى الشمس» تَصَوّروا الآن هنا المبالغة في التعجيل بالإفطار، من هنا غربت الشمس .. من هنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأمر بإحضار ما يفطر عليه، ومن لا يعلم وكلهم لا يعلمون إلا ما علمهم الرسول عليه السلام، وهذا أمر بدهي جداً.

وهذا يتكرر اليوم مع الأسف .. هه ما زال الضوء يبين؛ لأنهم لا يعلمون السنة، كذلك الرجل .. ذلك الرجل كان معذوراً؛ لأنه لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد بيَّن لهم من قبل التعجيل الفعلي العملي وهو أن تغرب الشمس من هنا وأن يباشر الإفطار من هنا؛ ولذلك قال: «يا رسول الله! أمامك نهار» فما بالاه وإنما قال له ثلاث

<<  <  ج: ص:  >  >>