مسجد مؤذن يعلم المواقيت الشرعية، وكان هناك في بعض المساجد إلى اليوم .. في دمشق لا أدري هنا موجود أو لا؟ ما يسمى بالمِزْوَلة هي عبارة عن آلة يتمكن بها المؤذن أن يعرف وقت دخول الظهر ووقت دخول العصر، أما بقية الأوقات فهي تشاهد من عامة الناس كما رأيتم آنفاً في الحديث الصحيح، المَارّة يقولون للمؤذن: أصبحت أصبحت، أما وقت الظهر يحتاج إلى علم خاص .. وقت العصر يحتاج إلى علم خاص، هذا العلم كانوا قديماً بطريقة مبسطة جداً فطرية: ينصب شاخص هكذا عمود .. عصا .. تُغْرَز على الأرض فيلاحظ عندما تطلع الشمس من المشرق هذا الشاخص يضرب الظل ..
إلى المغرب، وكلما ارتفعت الشمس كلما تقاصر هذا الظل ويتقاصر ويتقاصر، فيما يسمى بخط الاستواء، هناك هذا الظل يصبح يركب الشخص ظله أو الظل شاخصه، أي يغيب لا يرى هذا الظل إطلاقاً، أين؟ في خط الاستواء، هنا تصبح وقت الكراهة شرعاً، فإذا بدأ الظل من جانب آخر دخل وقت الظهر، أما هنا في بلادنا يختلف الأمر؛ لأن الشمس حينما تطلع لا تستوي على رؤوسنا في أي فصل من الفصول الأربعة، وإنما تكون مائلة إلى الجنوب قليلاً أو كثيراً، أكثر ما تكون مائلة في فصل الشتاء، وأكثر ما تكون قائمة في فصل الصيف، ولكن بالنسبة إلينا هذا الشاخص ظِلّه لا يغيب إطلاقاً عنه.
الشاهد: فالمؤذن الذي يعرف التوقيت الشرعي، يُراعي ظل هذا الشاخص قَصُر قَصُر قصر حتى يراه بعينه كأنه وقف، لم يعد يتقاصر ولم يعد يتطاول هذا وقت الكراهة شرعاً، وهذا أكثر الناس لا يعلمونه بل أقول لكم آسفاً: أكثر المؤذنين، بل مؤذنين اليوم لا يعرفون هذا الحكم الشرعي مطلقاً، فإذا وقف الظل ولم يعد يرى يتقاصر، كما كان من قبل يتقاصر ولا يبدأ يتطاول كما سيتطاول فيما بعد، حينما يقف بالنسبة للعين المجردة هذا هو وقت الكراهة، فإذا طار قليلاً زال وقت الكراهة ودخل وقت الظهر، وهذا يختلف باختلاف الفصول.
هذه وظيفة المؤذنين؛ ولذلك كانوا يضعون أمام المؤذنين وعلى الجدر مزولة