البيوت قال إسحق «يعني ابن راهويه»: بل حين يضع رجله فله الإفطار كما فعل ذلك أنس بن مالك وسن النبي صلى الله عليه «كذا» وإذا جاوز البيوت قصر».
اتباع ابن العربي للحديث خلافا للمذهب:
ولقد أنصف الإمام ابن العربي رحمه الله تعالى فإنه ذهب إلى العمل بالحديث في هذه المسألة خلافا لكثير من علماء المالكية وتبعه على ذلك القرطبي وغيره وسبقهم إلى الجهر بذلك الحافظ ابن عبد البر فقال ابن العربي في «عارضة الأحوذي»«٤/ ١٣ - ١٦» تعليقا على الحديث:
«وهذا صحيح لم يقل به أحد إلا أحمد بن حنبل فأما علماؤنا «يعني المالكية» فمنعوا منه لكنهم اختلفوا إذا أكل هل عليه كفارة أم لا؟ فقال مالك في «كتاب ابن حبيب»: «لا كفارة عليه» وقال أشهب: «نعم لأنه متأول» وقال غيرهم: عليه الكفارة ويجب أن لا يكفر لصحة الحديث ... وهو يقتضي جواز الفطر مع أهبة السفر».
وقال القرطبي في تفسيره «الجامع لأحكام القرآن»«٢/ ٢٧٨ - ٢٧٩» بعد أن حكى الخلاف الذي ذكره ابن العربي: «قلت: قول أشهب في نفي الكفارة حسن لأنه فعل ما يجوز له فعله والذمة بريئة فلا يثبت فيها شيء إلا بيقين ولا يقين مع الاختلاف ثم إنه مقتضى قوله تعالى: {أَوْ عَلَى سَفَرٍ}».
وقال أبو عمر:«هو ابن عبد البر»: هذا أصح أقاويلهم في هذه المسألة ولو كان الأكل مع نية السفر يوجب عليه الكفارة لأنه كان قبل خروجه ما أسقطها عنه خروجه فتأمل ذلك تجده كذلك إن شاء الله تعالى».
ثم ذكر ابن عبد البر من قال بأنه لا يفطر وأن عليه الكفارة إن أفطر ثم قال:
«وليس هذا بشيء لأن الله سبحانه قد أباح الفطر في الكتاب والسنة وأما قولهم: «لا يفطر» فإنما ذلك استحباب لما عقده فإن أخذ برخصة الله كان عليه القضاء وأما الكفارة فلا وجه لها ومن أوجبها فقد أوجب ما لم يوجبه الله ولا رسوله - صلى الله عليه وسلم -».
وهذا هو الذي استظهره العلامة الصنعاني في «سبل السلام»«٢/ ٦٢٩».