مثل عموم مثلاً:{وَلا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ}[البقرة: ١٨٧].
فيَفْهم المساجد بمعنى الاستغراق والشمول، فحينئذٍ هذا يكون معذوراً، ولكن بعد أن تبلغه السنة الصحيحة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فما ينبغي أن يقف عند الآية، لا، يستعين على فهمها بالسنة الصحيحة.
وهنا لابد لي من التذكير بأن عموم هذه الآية لا يأخذ بها جماهير علماء المسلمين المعروفين بالعلم والفقه في الدين أعني:{وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ}[البقرة: ١٨٧] هنا: أل للتعريف في اللغة إما أن يكون للعموم والاستغراق والشمول، وإما أن يكون للعهد.
على المعنى الأول يكون المعنى: في كل مسجد، وهذا حينئذٍ يشمل أي مسجدٍ كان، ولو مسجدٍ صغير بجانب بيتك، بل مسجد صغير في بيتك خَصَّصتَه لأداء الصلاة أنت وزوجك وولدك إلى آخره، هذا يصبح مسجد، فهل يصح الاعتكاف فيه؟ إذا أخذنا الآية على المعنى الأول: العموم والشمول جاء الجواب بأنه يجوز؛ لأن الآية تشملها.
أما إذا فهمنا أل للتعريف في المساجد، هي للعهد أي: المعروف في الأذهان شرعاً.
حينئذٍ نقول: ما هي هذه المساجد التي يُشرَع فيها الاعتكاف، ما دام قلنا في مساجد لا يُشرع فيها الاعتكاف، وفي مساجد يُشْرع فيها الاعتكاف.
فجماهير العلماء معنا في هذا التفصيل المُجْمَل، الآن، أي: بعض المساجد يشرع فيها الاعتكاف وبعض المساجد لا يُشرع فيها الاعتكاف في خلاف طويل -مثلاً-: بعض العلماء يقولون: هناك مسجد جماعة أي: تُقَام فيه الصلوات الخمس، لكن لا تُقَام فيه صلاة الجمعة، فهذا لا يصح فيه الاعتكاف لماذا؟ لأنه سيضطر الرجل يخرج من هذا المسجد الذي اعتكف فيه إلى مسجد الجمعة من أجل يصلي الجمعة.
إذاً: هذا خير، فمعناه: أنه المساجد في الآية ليست على الاستغراق والشمول، حينئذٍ معناها: حينما اتفق جماهير العلماء على أن المساجد ليس للاستغراق والشمول