وقد أشبع ابن حزم القول في مسألتنا هذه وذهب إلى أنه لا زكاة في عروض التجارة ورد على أدلة القائلين بوجوبها وبين تناقضهم فيها ونقدها كلها نقدا علميا دقيقا فراجعه فإنه مفيد جدا في كتابه «المحلى» ٦/ ٢٣٣ - ٢٤٠.
وقد تبعه فيما ذهب إليه الشوكاني في «الدرر البهية» وصديق حسن خان في شرحه «الروضة الندية» ١/ ١٩٢ - ١٩٣ ورد الشوكاني على صاحب «حدائق الأزهار» قوله بالوجوب في كتابه «السيل الجرار» ٢/ ٢٦ - ٢٧ فليراجعه من شاء.
وقد رد عليه أيضا قوله بوجوب الزكاة على «المستغلات» «(١)» الذي تبناه بعض الكتاب في العصر الحاضر فقال الشوكاني رحمه الله ٢/ ٢٧:
«هذه مسألة لم تطن على أذن الزمن ولا سمع بها أهل القرن الأول الذين هم خير القرون ولا القرن الذي يليه ثم الذي يليه وإنما هي من الحوادث
اليمنية والمسائل التي لم يسمع بها أهل المذاهب الإسلامية عنى اختلاف أقوالهم وتباعد أقطارهم ولا توجد عليها أثارة من علم ولا من كتاب ولا سنة ولا قياس. وقد عرفناك أن أموال المسلمين معصومة بعصمة الإسلام لا يحل أخذها إلا بحقها وإلا كان ذلك من أكل أموال الناس بالباطل. وهذا المقدار يكفيك في هذه المسألة».
وراجع لها «الروضة الندية» ١/ ١٩٤ تزدد فقها وعلما.
فائدة هامة: قد يدعي بعضهم أن القول بعدم وجوب زكاة عروض التجارة فيه إضاعة لحق الفقراء والمساكين في أموال الأغنياء والمثرين.
والجواب من وجهين:
الأول: أن الأمر كله بيد الله تعالى فليس لأحد أن يشرع شيئا من عنده بغير إذن من الله عز وجل {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَى
(١) كالدور التي يكريها مالكها وكذلك الدواب ونحوها. [منه].