تجب فيها الزكاة، بفتواهم هذه أصاب الإسلام ضرر شديد، إذا لا يُعْقَل أن تُفْرَض الزكاة على رجل عنده فدَّان شعير، لا يكاد يخرج منه شيئًا مذكوراً، ويُتْرَك أصحاب الملايين بل المليارات لا يؤخذ منهم زكاة، فما جوابكم على هذه المقولة؟
الشيخ الألباني -رحمه الله تعالى-: جوابي على هذا القيل من ناحيتين:
الناحية الأولى: أنه كما عهدناه في كل زَلّاته وشطحاته التي ظهرت في كتابه الأخير، وفى ما قبله، أنه يعتمد على الرأي فيما يصدره من أحكام شرعية؛ ولا يعتمد على النقل؛ والسبب في ذلك معروف منذ قديم أن أهل الرأي لمّا كانت بضاعتهم مزجاة في علم السنة والحديث النبوي، ولذلك فهم يلجؤون لتعويض ما فاتهم من الخير، إلى الاعتماد على آرائهم وأفكارهم التي لا مستند لها من كتاب ولا سنة.
وكل إنسان يستطيع أن يفعل فِعْل أهل الرأي، أن يقول رأيي كذا، كل إنسان يستطيع هذا، وليس كذلك أن يَدَّعي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال كذا وكذا، أو أنه صحّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال كذا وكذا، لأن لجوءه إلى مثل هذه الدعوة تتطلب منه جهداً كبيراً ودراسة واسعة جدا، وهو ما يُعلَم عند المحدثين بدراسة علم الجرح والتعديل من جهة، وأصول علم الحديث من جهة أخرى؛ فضلاً عن دراسة أو اطلاع واسع جداً على الأحاديث المروية في كتب السنة بأسانيدها.
وبما لا شك فيه ولا ريب، أن مثل هذه الدراسة تأخذ من عمر الإنسان حياته كلها، مهما بارك الله عزّ وجلّ له فيها؛ ولما كان هذا الأمر شاق وصعب تناوله على كثير من الناس، ولذلك وجدناهم قد استقصروا الطريق وأتوه من أقرب السبل، بلاش دراسة علم الحديث وأصول الحديث ورجال الحديث ورواة الحديث، وإنما هو الرأي، أنا أرى كذا وأعتقد كذا، ولا شيء يُكَلِّفهم من ذلك جُهْداً يُذكر.
ولقد انتبه لهذا الأمر الخليفة الراشد عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- فيما رُوِيَ عنه من قوله رضي الله عنه:«إذا جادلكم أهل الأهواء بالقرآن، فجادلوهم بالسنة فإن القرآن ذو وجوه»، وهذه حقيقة، فيمكن -مثلاً- أن نأخذ آية عامة وتكون السنة قد خصصتها، فيأتي صاحب الهوى ويحتج بآية عامة؛ لجهله بما جاء في