وقد رواه أبو عبيد في «الأموال» رقم ١٩٧٦ عن ابن عمر أنه سئل عن امرأة أوصت بثلاثين درهما في سبيل الله فقيل له: أتجعل في الحج؟ فقال: أما إنه في سبيل الله.
وإسناده صحيح كما قال الحافظ في «الفتح» ٣/ ٢٥٨.
وروى أبو عبيد رقم ١٧٨٤ و ١٩٦٥ بسند صحيح عن ابن عباس:
«أنه كان لا يرى بأسا أن يعطي الرجل من زكاة ماله في الحج وأن يعتق الرقبة» وإعلال أبي عبيد له بأن أبا معاوية انفرد به ليس بشيء لأن من رواية أبا معاوية ثقة وهو أحفظ الناس لحديث الأعمش كما في «التقريب» وهذا من روايته عنه وقد تابعه عنه عبدة بن سليمان كما في «الفتح» فزالت شبهة تفرد أبي معاوية به وانظر «إرواء الغليل» ٣/ ٣٧٦ - ٣٧٧.
ومن الغرائب أن ينكر حضرة المؤلف ما جاء به النص وهو كون الحج من سبيل الله ثم هو يسلم بما نقله بعد هذا عن السيد رشيد في «المنار»: أن من سبيل الله بناء المستشفيات الخيرية العامة وإعداد الدعاة إلى الإسلام ... والنفقة على المدارس الشرعية وغيرها ... الخ. مع أن تفسير الآية بهذا المعنى الواسع الشامل لجميع الأعمال الخيرية مما لم ينقل عن أحد من السلف فيما ع لمت وإن كان جنح إليه صديق حسن خان في «الروضة الندية» فهو مردود عليه ولو كان الأمر كما زعم لما كان هناك فائدة كبرى في حصر الزكاة في المصارف الثمانية في الآية الكريمة ولكان يمكن أن يدخل في سبيل الله كل أمر خيري مثل بناء المساجد ونحوها ولا قائل بذلك من المسلمين بل قال أبو عبيد في «الأموال» فقرة ١٩٧٩:
«فأما قضاء الدين عن الميت والعطية في كفنه وبنيان المساجد واحتفار الأنهار وما أشبه ذلك من أنواع البر فإن سفيان وأهل العراق وغيرهم من العلماء مجمعون على أن ذلك لا يجزي من الزكاة لأنه ليس من الأصناف الثمانية».