الحديث الأول: يُفَصِّل نوع الطعام الذي فُرِضَ فيه صدقة الفطر، والحديث الثاني: يُلْفت النظر إلى الحكمة من شرعية صدقة الفطر، فهي لها شعبتان، هذه الحكمة لها شعبتان إحداهما تتعلق بالمُزَكِّي، والأخرى تتعلق بالفقير.
فبالنسبة للحكمة الأولى تقول:«طهرة للصائم» هذه الصدقة طهرة للصائم، وبالنسبة للأخرى «طُعْمَة للمساكين» فأنت لما تعطيه نقداً ما أطعمته.
وكما يتوهم كثير من الناس، وقريباً جرى بيني وبين أحدهم نقاش، يقول مستحسناً مقدماً الرأي والعقل على النقل، يقول: نحن إذا أعطينا الفقير المال فهو يتوسع فيه يشتري ثيابًا لأهله، لأطفاله، لكذا إلى آخره. فنحن قلنا له: يا أخي! المقصود من هذه الصدقة، ليس ما هو المقصود من الصدقة، من الزكاة السنوية التي تجب بشروطها المعروفة منها النصاب كما ذكرنا آنفاً، فينبغي أن يُخْرَج إما من الذهب وإما من الفضة، هنا ليس الأمر كذلك لأنه ليس المقصود التَوْسِعة العامة في كل شيء على الفقير، وإنما المقصود توسعة خاصة وهي في الطعام، وليست هذه التوسعة خاصة يوم العيد لأنه يوم واحد، وإنما توسعة أيضاً لما بعد أيام العيد، وهذا هو الذي يقع حينما يتوفر عند الفقراء والمساكين آصع من هذا الطعام الذي فرضه رب العالمين على لسان نبيه الكريم فيصبح غنياً نوعاً ما شهورًا، وربما أكثر من ذلك على حسب ما ربنا عز وجل أرشد إليه من الصدقات.
هذه الصدقة ليس المقصود بها إلاّ التوسعة على الفقراء في إطعامهم فقط، ولذلك إذا فهمنا هؤلاء وكان عندهم استعداد أن يَتَجَرّدوا من شيئين: أولاً: العصبية المذهبية، لأنه يقول لك: أنا مذهبي حنفي .. إلى آخره فهذا من الصعب أن نُجَرِّده من هذه العصبية المذهبية، إلا بالمتابعة والملاحقة وبالتي هي أحسن، كمان نريد نجرده من اتباع الهوى، لأن كثيراً من الناس لا يكونون حنفيي المذهب، وإنما يرون برأيهم وبعقلهم أن مذهب أبي حنيفة أنسب في هذا العصر، فيتركوا مذهبهم لمذهب من يخالفونه .... إلا في هذه المسألة فيأخذون برأي الإمام أبي حنيفة؛ لأنه وجد هوىً في نفوسهم.