وأن من دعي إلى الصلاة، وأنذر بالقتل؛ إن لم يستجب فقتل؛ فهو كافر يقيناً حلال الدم، لا يُصَلَّى عليه، ولا يدفن في مقابر المسلمين، فمن أطلق التكفير فهو مخطئ، ومن أطلق عدم التكفير فهو مخطئ، والصواب التفصيل.
فهذا الحق ليس به خفاءُ فدعني عن بنيات الطريق وبعد؛ فإن أخشى ما أخشاه أن يبادر بعض المتعصبين الجهلة إلى رد هذا الحديث الصحيح؛ لدلالته الصريحة على أن تارك الصلاة كسلاً مع الإيمان بوجوبها داخل في عموم قوله تعالى:{وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء؛ كما فعل بعضهم أخيراً بتاريخ «١٤٠٧ هـ»، فقد تعاون اثنان من طلاب العلم: أحدهما سعودي، والآخر مصري، فتعقباني في بعض الأحاديث من المئة الأولى من «سلسلة الأحاديث الصحيحة»؛ منها حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه المتقدم برقم «٨٧» ولفظه: «يَدْرُسُ الإسلام كما يَدْرُسُ وشْيُ الثوب حتى لا يُدرى ما صيام؛ ولا صلاة ولا نسك، ولا صدقة، ولَيُسْرَى على كتاب الله عز وجل في ليلة؛ فلا يبقى منه آية، وتبقى طوائف من الناس: الشيخ الكبير، والعجوز؛ يقولون: أدركنا آباءنا على هذه الكلمة: «لا إله إلا الله»، فنحن نقولها».
قال صلة بن زفر لحذيفة: ما تغني عنهم «لا إله إلا الله» وهم لا يدرون ما صلاة، ولا صيام، ولا نسك، ولا صدقة؟ ! فأعرض عنه حذيفة، ثم رددها عليه ثلاثاً، كل ذلك يعرض عنه حذيفة. ثم أقبل عليه في الثالثة فقال: يا صلة! تنجيهم من النار «ثلاثاً».
قلت: فسوّدا في تضعيف هذا الحديث ثلاث صفحات كبار في الرد عليَّ لتصحيحي إياه، لم يجدا ما يتعلقان به لتضعيفه؛ إلا أنه من رواية أبي معاوية محمد بن خازم الضرير؛ بحجة أنه كان يرى الإرجاء! وأن الحديث موافق لبدعة الإرجاء! ! وهذا من الجهل البالغ، ولا مجال الآن لبيانه إلا مختصراً، فإن أبا معاوية مع كونه ثقة محتجاً به عند الشيخين؛ فإنه قد توبع من ثقة مثله، ثم إن الحديث لا صلة له