نعم يا رسول الله، قال عليه الصلاة والسلام: هذا أمر كتبه الله على بنات آدم، فاصنعي ما يصنع الحآج غير ألا تطوفي ولا تصلي» فبسبب ما عرض لها من الحيض لم تستطع أن تتم عمرتها، فانقلب تمتعها إلى حج مفرد.
ولذلك جاء في تمام قصتها رضي الله تعالى عنها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حينما عزم على الرحيل من مكة إلى المدينة ودخل عليها فوجدها تبكي أيضًا قال لها:«ما لك؟ قالت: ما لي! يعود الناس بحج وعمرة وأعود بحج دون عمرة» وتعني بالناس: ضراتها، حيث كن كما ذكرن مثلها متمتعات بالعمرة إلى الحج، لكن هي عرض لها الحيض فمنعها أن تتمكن من الإتيان بالعمرة بين يدي الحج، فأسفت لما أصابها وبكت على نفسها حينما دخل النبي - صلى الله عليه وسلم - عليها وسألها عن السبب، فأجابت بما سمعتم، فطيب النبي - صلى الله عليه وسلم - خاطرها وأمر أخاها عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق أن يردفها خلفه وأن يخرج بها إلى التنعيم لتحرم من هناك بعمرة، وقال لها عليه الصلاة والسلام بهذه المناسبة:«إنما أجرك على قدر نصبك» أي: إن ما فجأك من الحيض ومنعك من إتمام العمرة فالآن أنت تخرجين إلى التنعيم وتأتين بعمل زائد فأجرك على قدر تعبك، فهذه إذًا كانت حجتها حجة مفردة.
لكن الناس اليوم يأتون كما أقول في كثير من المناسبات: يأتون بالعمرة التي أذن النبي - صلى الله عليه وسلم - لعائشة بها على اعتبار أنها كانت حاضت ولم تتمكن من الإتيان بعمرة الحج، فما يفعله الناس من الخروج بعد الحج إلى التنعيم والإتيان بالعمرة فهي عمرة الحائض وليست عمرة النساء اللاتي لم يحضن، فضلًا عن أن تكون هذه العمرة مشروعة للرجال الذين لا يحيضون والحمد لله.
كذلك ما يفعله الناس اليوم من تقصد الحج المفرد أيضًا هم يتمثلون ما وقع للسيدة عائشة رغم أنفها وبقضاء الله وقدره عليها، ولم تكن راغبة في ذلك لو كان ذلك في قدرتها، فلا يجوز إذًا للرجال ولا للنساء أن يتقصدن الحج المفرد ليحرمن بالحج المفرد من الميقات، وهن باستطاعتهن وهم أيضًا الرجال بالأولى أن ينووا العمرة بين يدي الحج كما قال تعالى: {فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ