يحج متمتعاً وليس مفرداً؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما حج حجة الوداع كان الناس معه على هذه الأقسام الثلاثة في حجهم، منهم المُفْرِد، ومنهم القارن، ومنهم المتمتع، ثم القارنين كانوا على نوعين، قسم منهم ساق الهدي من هناك في المدينة من ذي الحليفة، ومنهم من لم يَسُق الهدي، والمقصود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر الحجاج كلهم على اختلاف أنواع حجتهم أن يجعلوا حجهم عمرة، يعني من كان مفرداً ومن كان قارناً لم يسق الهدي، أمرهم عليه الصلاة والسلام بأن يقلبوا نِيِّتهم الأولى بالحج المفرد إلى عمرة، وقال عليه السلام:«لو استقبلت من أمري ما استدبرت، لما سقت الهدي ولجعلتها عمرة، فأَحِلُّوا أيها الناس».
فأمرهم بأن يتحللوا بعد أن طافوا سبعاً، وسعوا بالصفا والمروة سبعاً، أن يتحللوا إما بقص الشعر، وإما بحلقه وهو الأفضل.
ولذلك فالواجب أن يحج المسلم متمتعاً، ثم الناحية الاقتصادية ليست عذراً هنا في أن لا يحج معتمراً؛ لأنه يقوم بديل الهدي الصوم.
فإذاً: ليس هناك داعي لأن نُوَجِّه نظرنا في هذه المسألة إلى نظرة اقتصادية محضة. هذه واحدة.
والأخرى: نحن نشاهد أن أكثر الحجيج مُبْتَلى بحلق اللحى، ولعلكم تعلمون أن نبيكم عليه الصلاة والسلام كان له لحية جليلة وعظيمة، وإذا صرفنا النظر مبدئياً عن أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - .. و [نظرنا في تفريق الله سبحانه في اللحية بين الرجل و] المرأة [لعلمنا أن هذا] لم يكن صدفة، ولم يكن [مسألة] طبيعية، وإنما كان ذلك من تقدير العزيز العليم.
إذاً: فنحن بصفتنا مسلمين علينا أن نفكر بأن الله عز وجل حكيم عليم، يضع كل شيء في محله، وبعلم دقيق جداً، فحينما جعل الرجال ذوي لحى، والنساء جرداً مرداً، ما كان ذلك في خلقه تبارك وتعالى عبثاً، لكن العبث إنما يكون منا نحن الرجال الذين ابتلوا بحلق اللحى، ولئن عاش أحدنا اليوم سنين طويلة في بلده، حيث أقام في سوريا، في مصر، في الأردن، ابتلي بحلق اللحى، فهي معصية ملازمة