الحج، أن يأتوا بالعمرة بعد الحج؛ لأنهم في هذه الحالة ينجون من وجوب أحد الأمرين السابقين ذكراً، ألا وهو الهدي أو صيام عشرة أيام، وهذا احتيال على هذا الحكم الشرعي.
لذلك نحن لا نرى جواز الاعتمار ممن تمتع بالعمرة إلى الحج، بعد الحج أن يخرج إلى التنعيم؛ لأن الخروج بعد الحج إلى التنعيم، إنما هي سنة سنها النبي - صلى الله عليه وسلم - بالنسبة للسيدة عائشة -رضي الله تعالى عنها- التي كانت قد خرجت من المدينة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - معتمرة عُمْرة الحج، ولكنها لما نزلت في سَرِف مكانٍ قريب من مكة جاءها العادة عادة النساء، فلما دخل عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - ووجدها تبكي قال لها:«مالكِ تبكي أَنَفِسْتِ؟ قالت: نعم يا رسول الله! قال عليه الصلاة والسلام: «هذا أمر قد كتبه الله على بنات آدم، فاصنعي ما يصنع الحاج غير ألا تطوفي ولا تصلي» فبسبب طروء الحيض عليها لم تتمكن من إتمام عمرتها التي هي أو هو من أمر الله في قوله: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ}[البقرة: ١٩٦].
ولذلك فلما طهرت في عرفات، وأدت المناسك كلها وأفاضت وطافت طواف الإفاضة، وأعلن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد طواف الوداع، أعلن الرجوع إلى المدينة دخل عليها وإذا هي تبكي أيضاً قال:«مالك؟ قالت: مالي, يعود الناس بحج وعمرة، وأعود أنا بحج دون عمرة»، في رواية أخرى:«يعود الناس بنسكين، وأعود أنا بنسك واحد» وكان عليه الصلاة والسلام كما هو معلوم بالنسبة للأمة كلها، كان رفيقًا بأهله رحيماً، فأمر أخيها عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق أن يُرْكِبَها خلفه، وأن يخرج بها إلى التنعيم، لتأتي بعمرة بديل العمرة العملية التي فاتتها من قبل.
ولذلك أنا أقول: الخروج إلى التنعيم بعد الحج لأداء العمرة، فهي عمرة الحائض، فمن أصاب من النساء ما أصاب عائشة من عدم تَمَكُّنها بالإتيان بعمرة الحج، فلها أن تفعل كما فعلت عائشة -رضي الله تعالى عنها- أما النساء الطاهرات واللاتي أتين بالعمرة بين يدي الحج، أو كان بإمكانهن أن يأتين بذلك، ولكنهن اقتصرن على الحج المفرد؛ لسبب من الأسباب التي ذكرتها آنفاً، ثم يريدون أن