للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«فَدَيْنُ الله أحق أن يُقْضَى»، وطاعة الله أولى بالمؤمن؛ ولذلك فلا ينبغي للعلماء أن يتسرعوا في تَصَوُّر وجود ضرورة في هذه المرأة أن تطوف وهي حائض، مع علمهم أن هناك في صحيح البخاري من حديث عائشة رضي الله عنها: «أنها لما حَجَّت مع النبي - صلى الله عليه وسلم -، ونزلوا في مكان قريب من مكة يُعْرَف بسرف، دخل الرسول عليه السلام عليها فوجدها تبكي، قال لها: مالك أنفست أو نفست؟ قالت: نعم، يا رسول الله! قال: هذا أمر كتبه الله على بنات آدم، فاصنعي ما يصنع الحاج غير ألاَّ تطوفي ولا تُصَلِّي»، كيف نقول لها: صلي أو نقول لها طوفي وهي غير طاهر؟ ! الأمر لا يجوز، يقولون في ضرورة، ما هي الضرورة؟ الضرورة: إن رفقتها يريدون أن يسافروا من دون رفقتها، بنقول رفقتها ما بيسافروا كلهم إلا وبعضهم سيتأخر فيما لو أصابها مصيبة بدنية يضطروا هؤلاء للتَأَخُّر، فإذا أصابها مصيبة دينية فهي أولى بأن تتأخر، كما أشرنا بذلك بقوله عليه السلام في حديث الخثعمية المعروف: «دَيْنُ الله أحق أن يقضى».

يعني: مراعاة حقوق الله عز وجل في ذات نفس المؤمن يجب أن يهتم بها أكثر وأكثر من غيرها؛ ولذلك فلا عذر لهذه المرأة الحائض أن تطوف وهي حائض بحجة: أنه رفقاءها أو صواحباتها؛ لأن هناك فتوى تقول: بأنه يجوز للمرأة أن تحج مع صواحب لها؛ إذا كن ثقات ودَيِّنات، هذا كلام باطل، ويخالف حديث الرسول عليه السلام.

فإذاً: لا يجوز إلا أن تتأخر .... حتى تطهر وتغتسل وتطوف طواف الإفاضة، ولا بأس عليها إذا ما حاضت بعد طواف الإفاضة ولم .... طواف الوداع، أن تطوف بلا طواف وداع.

وهذا الحديث فيه نكتة: لما علم الرسول عليه السلام بأن صفية حاضت، وقال عليه السلام سائلاً: «هل طافت طواف الوداع؟ قالوا له: نعم، قال: فلتنفر إذاً».

<<  <  ج: ص:  >  >>