للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا أمر لا بد منه في كل مكان، وفي كل زمان، لكي يتفاهم المسلمون بعضهم مع بعض.

الآن لما جاء السؤال عن جماعة من الحجاج تناقشوا، أنا ما أستطيع أن أتصور كيف كانت المناقشة التي وقعت بينهم، لكني أعرف بالتجربة أن كثيراً من الشباب حينما يتناقشون، يتناقشون بحرارة زائدة، تَخْرُج هذه الحرارة بهم عن حد الاعتدال، وعن المجادلة بالتي هي أحسن.

ولذلك فأنا أنصح إخواننا الشباب، خاصة إخواننا طلاب العلم بعامة، وإخواننا السلفيين أتباع الكتاب والسنة بخاصة، بأنني بتجربتي هذه الطويلة أعرف منهم أنهم يتحمسون جداً في أثناء المناقشة، بحيث لو أن أحدهم لا يعرف الذي يجادله هل هو كبير أم صغير، هل هو أعلم منه أم هو يساويه أم هو دونه، فتجده يناقشه بكل حرارة، وبكل ابتعاد عن أدب المناقشة والمناظرة، الأمر الذي يذكرنا بمثل قوله عليه الصلاة والسلام: «ليس منا من لم يرحم صغيرنا، ويُوَقِّر كبيرنا، ويعرف لعالِمِنا حقه» ولطالما سمعنا من كثير من هؤلاء الشباب المتحمسين إذا قيل لأحدهم: يا أخي! أنت تقول هذا القول، وفلان العالم يقول بخلافك، فلو تأنيت، يقول: نحن رجال، وأولئك رجال، وهو حينما يقول نحن رجال، هو يمكن أن يصدق عليه المثل المعروف في بعض البلاد، إنه يتزبب قبل أن يتحصرم.

هو اليوم نشأ واليوم تَعَلَّم، فكيف يتجرأ أن يقول، أنه نحن رجال وأولئك رجال، لقد اقتبسوا هذه الكلمة من بعض السلف كأبي حنيفة -مثلاً- الذي قال إنه إذا جاء الخلاف عن أصحاب الرسول عليه السلام، حينئذٍ لسنا مكلفين باتباع أحد منهم دون آخرين، وإنما هم رجال ونحن رجال.

فأين هذا الكلام الذي صدر من هذا الإمام، من هذا الكلام حين يصدر من ربما لا يصح أن يطلق عليه إنه طالب علم.

ولذلك: فنحن ننصح إخواننا الشباب طلاب العلم أن لا يتحمسوا بصورة عامة وليس في الحج فقط، أن لا يتحمسوا في المناقشة، وإنما عليهم أن يَتَئِدُوا

<<  <  ج: ص:  >  >>