أولا: قوله تعالى في صريح القرآن في وصف المؤمنين: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ}[المؤمنون: ١ - ٣] .. {وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ}[المؤمنون: ٥ - ٧] أيضًا من فضائل الإمام الشافعي رحمه الله أنه لفت النظر أيضًا إلى الاستدلال بهذه الآية على تحريم الاستمناء؛ ذلك لأن الله تبارك وتعالى وصف المؤمنين حقًا بصفات منها قوله:{وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ}[المؤمنون: ٥ - ٦] فجعل للمؤمنين حقًا سبيلين اثنين لقضاء شهوته: إما التزوج بالحرائر، وإما التمتع بالإماء والجواري، طبعًا هذا في الزمن الأول يوم كان هناك جهاد في سبيل الله، وكان هناك أسرى من الكفار، وكان هناك تنظيم في تقديم هؤلاء الأسرى على الغانمين فحينئذٍ كان الرجل يتمتع أيضًا بالجارية التي أعطيت له من أمير المؤمنين كما يتمتع بزوجته الحرة، ثم قال تعالى:{فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ}[المؤمنون: ٧] أي: الباغون الظالمون، فمن ابتغى سبيلًا يروي به شهوته غير سبيل الزواج والتسري فألئك هم الباغون الظالمون، هذا هو السبب الأول في عدم جواز الاستمناء.
والسبب الثاني: أنه ثبت طبيًا أن عاقبة المتعاطين لهذه العادة السرية فيها ضرر بالغ جدًا على صحتهم، لا سيما الذين يدمنونها صباح مساء ويكررونها بحيث يصبح عاقبة أمر هؤلاء أنه بدل أن ينزل المني الأبيض ينزل الدم الأحمر، وقد قال عليه السلام في الحديث الجامع المانع:«لا ضرر ولا ضرار» فلا يجوز للمسلم أن يتعاطى شيئًا يضر بنفسه أو يضر بغيره، فهذا الذي يتعاطى هذه العادة الخبيثة يضر بنفسه صحيًا لذلك فلا يجوز له أن يتعاطى هذه العادة السرية.
وثمة شيء ثالث لا بد منه: أن هؤلاء الذين يتعاطون هذه العادة السيئة يصدق فيهم قول الله عز وجل: {أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ}[البقرة: ٦١] ما هو الخير بالنسبة لهؤلاء الشباب؟ لقد جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قوله: «ما تركت شيئًا يقربكم إلى الله إلا وأمرتكم به، وما تركت شيئًا يبعدكم عن الله ويقربكم إلى النار