وأيضا فإن قيام الرجل بالخدمة يؤدي إلى أمرين متباينين تمام التباين أن ينشغل الرجل بالخدمة عن السعي وراء الرزق وغير ذلك من المصالح وتبقى المرأة في بيتها عطلا عن أي عمل يجب عليها القيام به ولا يخفى فساد هذا في الشريعة التي سوت بين الزوجين في الحقوق بل وفضلت الرجل عليها درجة ولهذا لم يزل الرسول - صلى الله عليه وسلم - شكوى ابنته فاطمة عليها السلام حينما:
أتت النبي - صلى الله عليه وسلم - تشكو إليه ما تلقى في يدها من الرحى وبلغها أنه جاءه رقيق فلم تصادفه فذكرت لعائشة فلما جاء أخبرته عائشة قال علي رضي الله عنه: فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا فذهبنا نقوم فقال: «على مكانكما» فجاء فقعد بيني وبينها حتى وجدت برد قدميه على بطني فقال: «ألا أدلكما على خير مما سألتما؟ إذا أخذتما مضاجعكما أو أويتما إلى فراشكما فسبحا ثلاثا وثلاثين واحمدا ثلاثا, وثلاثين وكبرا أربعا وثلاثين فهو خير لكما من خادم»[قال علي: فما تركتها بعد قيل: ولا ليلة صفين؟ قال: ولا ليلة صفين! ]. رواه البخاري ٩/ ٤١٧ - ٤١٨.
فأنت ترى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقل لعلي: لا خدمة عليها وإنما هي عليك وهو - صلى الله عليه وسلم - لا يحابي في الحكم أحدا كما قال ابن القيم رضي الله عنه ومن شاء زيادة البحث في هذه المسألة فليرجع إلى كتابه القيم زاد المعاد ٤/ ٤٥ - ٤٦.
هذا وليس فيما سبق من وجوب خدمة المرأة لزوجها ما ينافي استحباب مشاركة الرجل لها في ذلك إذا وجد الفراغ والوقت بل هذا من حسن المعاشرة بين الزوجين ولذلك قالت السيدة عائشة رضي الله عنها:
كان - صلى الله عليه وسلم - يكون في مهنة أهله يعني خدمة أهله فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة.
رواه البخاري ٢/ ١٢٩ و ٩/ ٤١٨ والترمذي ٣/ ٣١٤ وصححه والمخلص من الثالث من السادس من المخلصيات ٦٦/ ١ وابن سعد ١/ ٣٦٦. ورواه في الشمائل ٢/ ١٨٥ من طريق أخرى عنها بلفظ:
«كان بشرا من البشر يفلي ثوبه ويحلب شاته ويخدم نفسه».