٢ - عن محمد بن سيرين عن يحيى الجزار قال: صلى ابن مسعود وعلى بطنه فرث ودم من جزور نحرها، ولم يتوضأ. أخرجه عبد الرزاق في «الأمالي ٢/ ٥١ / ١» وابن أبي شيبة في «المصنف ١/ ١٥١ / ١» والطبراني في «المعجم الكبير ٣/ ٢٨ / ٢» وإسناده صحيح، أخرجوه من طرق عن ابن سيرين ويحيى ابن الجزار، قال ابن أبي حاتم «٤/ ٢ / ١٣٣»: «وقال أبي وأبو زرعة: ثقة».
٣ - ذكر ابن رشد اختلاف العلماء في دم السمك، وذكر أن السبب في اختلافهم هو اختلافهم في ميتته، فمن جعل ميتتة داخلة تحت عموم التحريم جعل دمه كذلك، ومن أخرج ميتتة أخرج دمه قياسا على الميتة.
فهذا يشعر بأمرين: أحدهما: أن إطلاق الاتفاق على نجاسة الدم ليس بصواب لأن هناك بعض الدماء اختلف في نجاستها كدم السمك مثلا، فما دام أن الاتفاق على إطلاقه لم يثبت، لم يصح الاستدلال به على موارد النزاع، بل وجب الرجوع فيه إلى النص، والنص إنما دل على نجاسة دم الحيض، وما سوى ذلك فهو على الأصل المتفق عليه بين المتنازعين وهو الطهارة فلا يخرج منه إلا بنص تقوم به الحجة. الأمر الآخر: أن القائلين بنجاسة الدماء ليس عندهم حجة إلا أنه محرم بنص القرآن فاستلزموا من التحريم التنجيس كما فعلوا تماما في الخمر، ولا يخفى أنه لا يلزم من التحريم التنجيس بخلاف العكس كما بينه الصنعاني في «سبل السلام» ثم الشوكاني وغيرهما، ولذلك قال المحقق صديق حسن خان في «الروضة الندية ١/ ١٨» بعد أن ذكر حديث أسماء المتقدم وحديث أم قيس الثالث: «فالأمر بغسل دم الحيض وحكه بضلع يفيد ثبوت نجاسته، وإن اختلف وجه تطهيره، فذلك لا يخرجه عن كونه نجساً، وأما سائر الدماء فالأدلة مختلفة، مضطربة والبراءة الأصلية مستصحبة، حتى يأتي الدليل الخالص عن المعارضة الراجحة أو المساوية، ولو قام الدليل على رجوع الضمير في قوله تعالى «فإنه رجس» إلى جميع ما تقدم في الآية الكريمة من الميتة والدم المسفوح ولحم الخنزير، لكان ذلك مفيداً لنجاسة الدم المسفوح والميتة، ولكن لم يرد ما يفيد ذلك، بل النزاع كائن في رجوعه إلى الكل أو إلى الأقرب،