لكن مع ذلك أنا أقول: لا أنصح المسلم اليوم أن يتزوج واحدة من هذه الكتابيات، لماذا؟ لسببين اثنين؛ أحدهما له علاقة بالمجتمع الكافر الذي يريد أن يتزوج منه، والآخر له علاقة بالمجتمع المسلم الذي يريد أن ينقل إليه الزوجة التي ينشلها ويخرجها من ذاك المجتمع الكافر، كل من المجتمعين اختلفا عن المجتمعين اللذين كانا قائمين في عهد نزول الآية المذكورة آنفاً {وَالمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ}[المائدة: ٥].
أما المجتمع الكافر، وأنه اختلف عن الذي قبل فأظن أن هذا لا يخفى على أحد؛ لأن اليهود والنصارى في الأزمنة السابقة وبخاصة في زمن الرسول عليه السلام كان في عندهم شيء من التمسك بالأخلاق التي ورثوها عن آبائهم وأجدادهم، وهؤلاء تلقوها عن أنبيائهم، في شيء اسمه غيرة، في شيء اسمه شرف، سترة، حشمة .. إلى آخره.
هذه الأشياء في المجتمع الأوربي أصبحت نسياً منسياً، وأصبح عكسها وضدها ونقيضها هو القائم مجتمعهم عليه هذا المجتمع الكافر الذي قد يتزوج منه المسلم كتابية ما، أما المجتمع المسلم لا شك أن المجتمع المسلم اليوم صار كما قال عليه السلام:«إن الإسلام بدأ غريباً فطوبى للغرباء» المجتمع الأول الإسلامي كان مجتمعاً مثالياً بالنسبة لكل المجتمعات التي تقدمتها، حتى في زمن الرسل والأنبياء فضلاً عن المجتمعات التي جاءت من بعده هذا المجتمع الصالح كانت ليس المرأة الزوجة إذا تزوجها المسلم سرعان ما ستعيش في مجتمع إسلامي وتدخل في هذه البوتقة كما يقولون اليوم إسلامية وتنطبع بطبائع المجتمع وتتمشى مع عاداتهم وتقاليدهم، هذا إذا لم تَصِر الزوجة الكافرة مسلمة؛ بسبب أنها اقتربت من المجتمع المثالي، وعاشت فيه، وعرفته عن كثب وعن قرب، فبدا له كما قال تعالى {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ}[فصلت: ٥٣].
وقد أشار الرسول عليه السلام إلى هذه الحقيقة حينما قال:«إن ربك ليعجب من أقوام يجرون إلى الجنة في السلاسل» يشير عليه الصلاة والسلام إلى آثار الجهاد