وليس من المفروض أن يعلم الرجال فضلاً عن النساء تفاصيل ما ادخر الله لهم ولهن من النعيم المقيم في الجنة .. ليس من الضروري أن يعرف الرجال فضلاً عن النساء .. أن يعرف هؤلاء جميعاً ما ادخر الله لأهل الجنة من النعيم المقيم .. يكفي هذه النسوة أن يذكرن أنهن يلتقين مع الرجال في أكبر نعمة يحظى بها أهل الجنة وهي رؤيتهم لربهم فيها، حينما يتذكرن هذه النعمة فستطغى على ذلك السؤال التافه الذي لا يصدر من إنسان يفكر بهذه النعمة التي إذا ما حصلت للمؤمنين في الجنة نساءً ورجالاً نسوا نعيم الجنة وما فيها.
الحقيقة أن هذا السؤال ينبع من فراغ ذهن النساء بل وكثير من الرجال بعض الأوصاف التي جاءت مفصلة في السنة الصحيحة؛ لأن الإنسان حينما يتشبع ببعض الصفات لذات ما لا يطمع أن يعرف صفة أخرى في تلك الذات، أقدم بهذه الكلمة لحديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه، قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إني لأعرف آخر رجل يخرج من النار وآخر رجل يدخل الجنة رجل يخرج من النار يحبو حبواً .. » والحديث طويل، فأختمه بنهايته وهو: أن هذا الذي كان آخر من خرج من النار وآخر من يدخل الجنة خرج من النار يحبو حبواً وكأنه فحمة سوداء لا يستطيع أن يمشي سوياً كما خلقه الله من قبل، هذا إذا وصل إلى باب الجنة .. هذا مختصر القصة، قال الله له:«ادخل الجنة ولك فيها مثل الدنيا وعشرة أضعافها» فلا يدخل في عقل المسكين المحترق بالنار أن يكون له في الجنة مثل الدنيا وعشرة أضعافها .. يقول:«يا رب! أتهزأ بي وأنت الله؟ ! » فيضحك الرسول ويضحك راوي الحديث عن الرسول ويسأل كل واحد من الطبقات هذه: لم تضحك؟ قال: لما العبد قال للرب: أتهزأ بي وأنت الرب؟ ضحك الرب فضحك الرسول فضحك ابن مسعود وهكذا، فمن يتذكر هذه النعمة من النساء والرجال يبقى هناك مجال لمثل ذاك السؤال؟ !
لكن هو الفقر الذهني والعلمي هو الذي يفسح المجال لهؤلاء الفقراء والمساكين حقاً ليطرحوا مثل ذاك السؤال التافه الباهت الذي لا قيمة له.