أبداً، وهذا من معاني قوله تعالى:{إِنْ تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ}[محمد: ٧] لله عز وجل في هذه الحياة، وفي هذا الكون سنن منها: سنن كونية طبيعية، ومنها سنن شرعية إلهية، فمن اتخذ الأسباب الأولى والثانية وصل إلى الهدف المنشود وإلا فلا!
مثلاً: من السنن الكونية أن الإنسان إذا ما أكل يموت، إذا ما شرب يموت، سنة الله في خلقه {وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً}.
إذاً: تريد تعيش إذاً حياة سعيدة بصحة وعافية، بِدّك تتخذ الأسباب الكونية الطبيعية، كذلك لله سنن شرعية من اتخذها عاش سعيداً كما عاش السلف الأول والجيل الأول من الصحابة ثم التابعين إلى آخره.
فأردت أن أقول: لو رجعنا إلى تاريخ العرب قبل بعثة الرسول عليه السلام ما أظننا نحن أسوأ حالاً منهم، فمن الذي غير من حالهم؟ وما الذي أخرجهم من ذل الاستعمار الذي كانوا يعيشون تحت سلطنة من الفرس ومن الروم، ومن الحبش وغيرهم، هو أنهم أخذوا بالأسباب الشرعية أي: تبنوا [الأحكام] الشرعية التي أنزلها الله عز وجل على قلب محمد - صلى الله عليه وسلم - بكل إيمان، وإخلاص وقوة، فإذا بها هذه الأمة التي كانوا لا يسمون إلا بأنهم رعاة الإبل، ونعرف نحن من الفتوحات الإسلامية حينما ذهبوا للفتح فارس كسرى وتلك البلاد، وذهب المغيرة بن شعبة ليكلم الملك الهُرمزان يومئذٍ قال لهم الملك هذا الفارسي قال: أنتم جماعة يعني: جوعانين وجائين تفتشوا عن طعام وعن شراب وإلى آخره، كلام كله كلام مادي قال له حقيقةً: نحن [كنا] كذلك، لكننا ربنا عز وجل أرسل إلينا رسولاً، فأحيانا بعد أن كنا أمواتاً، ونحن جئنا إليكم لتُسْلِموا معنا، فإن أسلمتم فلكم ما لنا، وعليكم ما علينا، وإن أبيتم فليس بيننا وبينكم إلا السيف، وستكون هذه الأراضي وهذه الأملاك كلها تحت أيدينا، فما وسع هذا الرجل إلا أن قال للمغيرة بن شعبة الصحابي الجليل من أذكياء العرب وساسة العرب الذي يُضرب بهم المثل إلا أن قال لأصحابه صدق الرجل، ثم جرت معركة قاسية جداً، كان النصر فيها أخيراً للمسلمين.