أغض للبصر وأحصن للفرج، فإن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء» فأن يكون عند الرجل زوجة واحدة تحصنه ويحصنها فهذا أمر واجب لا بد منه ولو كان راهبًا؛ لأنه لا رهبانية في الإسلام.
إذا عرفنا ذلك فحينئذ نقول: ولد أبيه متزوج ويريد أن يثني ولكن والداه يحولان بينه وبين ذلك، فهل يعصيهما ويخالفهما إلى الزواج الثاني؟ الجواب أيضًا من القاعدة السابقة: إذا دار الأمر بين مفسدة ومصلحة قدم ترك المفسدة وعلى جلب المصلحة، الابتعاد عن المفسدة، ولا شك أن مخالفة الوالدين معصية، أما التثنية فهي طاعة لكنها غير واجبة، فحينئذٍ إذا دار الأمر على الولد بين ارتكاب مفسدة المعصية وبين إتيانه مصلحة التثنية قدم دفع المفسدة على الآخر فلا يعصي والديه ولو كان من وراء ذلك ترك الأمر المستحب.
هنا يرد حديث ورد في الصحيح: أن عمر بن الخطاب، أذكر هذا الحديث؛ لأنه قد يدل على خلاف ما ذكرته آنفًا: جاء في الصحيح: أن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما أمره والده بأن يطلق زوجته، فجاء إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يسأله عن ذلك، فكان قوله عليه السلام أنه قال له:«أطع أباك» مثل هذا السؤال يقع كثيرًا وكثيرًا جدًا يسأل عنه.
يقول القائل: أنا أتزوج زوجة وأنا مرتاح بها وإلى آخره، لكن أبي يأمرني بتطليقها، أُطلق أم أمسك؟ ... في هذه الحالة لا نقول له: لا، أمسك .. فنقول: أمسك ولا نقول له: طلق، لماذا؟ لأن في كل من الإمساك والتطليق مخالفة، إذا أمسك وأبوه يريد تطليقها فقد خالف أباه وهذه معصية، وإذا طلق أطاع أباه من ناحية ولكن يخشى عليه أن يقع في مشكلة أخرى من الناحية النفسية وهي أن يخشى عليه أن تذهب نفسه حسرات عليها، ثم يقع في حيص بيص ..
ما يدري ما يفعل طلقها فلا يستطيع أن يبقيها؛ لأن أباه يريد تطليقها، ولا يستطيع أن يصبر عنها، فماذا يفعل؟ هذا يذكرنا بحديث صحيح في سنن النسائي