إلى أن يشكو أمره إلى الرسول، فقال له: طلقها .... قال: يا رسول الله! إني أحبها، قال: فأمسكها.
إذًا: هنا دار الأمر بين تحقيق مصلحة وبين دفع مفسدة، المفسدة ... هنا هو أنه إذا طلقها سيخشى عليه أن يظل قلبه متعلقًا بها، لذلك كان موقف الرسول عليه السلام هنا منتهى الحكمة، بينوا له الحكم الشرعي أولًا فقال له: طلقها واسترح منها، لما فاجأ النبي بقوله: إني أحبها، دله على أخف الضررين، وأقل المفسدتين شرًا، فقال له إذًا: أمسكها.
حينما يأتينا الرجل اليوم ويقص لنا مثل قصة ابن عمر مع أبيه، أنا أجيبه بجوابين اثنين:
أحدهما معلق بالمستحيل، والثاني ... ماذا تفعل؟ أفصل القول كما انتهيت.
أما الأمر الأول المتعلق بالمستحيل، فأقول له: إن كان أبوك في معرفته بالإسلام وتمسكه بالأحكام كعمر فيجب عليك أن تطلقها.
أما التفصيل، فيقول له: يا أخي في كل من الأمرين إشكال، كما شرحت آنفًا بالنسبة للرجل الذي قال له عليه السلام: طلقها، ثم قال له: أمسكها، وأنا أخشى إن قلت لك: طلقها أنت تكون أطعت من جهة، لكن أخشى عليك أن تقع في محذور أكبر وهو أن تذهب نفسك مع هذه المرأة التي طلقتها فتقع في مشكلة أكبر .. وأخشى أن أقول لك: لا تطلقها فحينئذ كأني أقول لك: اعص والدك، ولذلك أنا أروي لك الآن الحديث التالي:
جاء رجل إلى أبي الدرداء فقال له مثل هذا السؤال: أمي تأمرني بتطليق زوجتي، ماذا أفعل؟ فقال له: لا آمرك بطلاقها ولا بإمساكها ولكني أقول: لك ما سمعت من النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: الوالد أوسط أبواب الجنة، انتهى الحديث، فإن شئت فطلقها وإن شئت فأمسكها، لكن ليس يورط هو نفسه بمثل هذه الفتوى ... زلت به القدم، الواحد قد تزل به القدم، إذًا: أنا أقول لك: أن الوالد أوسط أبواب الجنة، يعني: طاعتة توصلك إلى الجنة، فإن شئت فطلقها وإن شئت فأمسكها.