وفي عهد أبي بكر الصديق سنتين ونصف تقريباً، وشطراً من خلافة عمر نفسه، ثم بدا له هذا الرأي وهذا الاجتهاد، فجعل الطلاق بلفظ ثلاث ثلاثاً.
المشكلة أن السنة الماضية الأصيلة أصبحت في خبر كان، واجتهاد عمر حل محلها إلى ما قبل عشرين سنة كما قلنا، وما كان يفتي بالسنة السابقة إلا أفراد في العالم الإسلامي، من الغرباء الذين قال فيهم رسولنا صلوات الله وسلماه عليه:«إن الإسلام بدأ غريباً، وسيعود غريباً، فطوبى للغرباء. قالوا: من هم يا رسول الله؟ » هناك جوابان ثابتان عنه عليه السلام، الأول:«هم ناس قليلون صالحون، بين ناس كثير من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم».
والجواب الثاني: قال: «هم الذين يصلحون ما أفسد الناس من سنتي من بعدي».
عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى الناس يسارعون إلى التلاعب بالطلاق، الذي جعله الله في نص القرآن ثلاثاً، كل طلقة فيها إمساك أو فيها تسريح، فقال عز وجل:{الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}[البقرة: ٢٢٩].
{الطَّلاقُ مَرَّتَانِ فَإمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ} في كل طلقة. {أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ}.
فالذي يقول: أنت طالق ثلاثاً وهو الإمساك المعروف أو تسريح بإحسان، لقد استعجلوا أمراً كان لهم فيه أناة، كما جاء عن عمر رضي الله عنه.
فعمر الشاهد اجتهد هذا الاجتهاد من باب التعزير، والتعزير يقول الفقهاء ويسمحون للإمام، خاصة إذا كان مثل عمر بن الخطاب ومثل عثمان أن يجتهدوا؛ لأنهم أهل للاجتهاد حقيقة.
لكن مع الزمن انقلبت المشكلة، الذي أراده عمر هو أن يقلع الناس عن مخالفة السنة، التي هي أن يطلقها ثم يمسكها ويراجعها، أو يسرح بإحسان طلقة واحدة، فأراد منهم لما يروا هذه المعاقبة أنه يرجعوا إلى السنة التي تركوها وأعرضوا عنها، وإذا السنة مع الزمن بسبب غفلة المسلمين أصبحت نسياً منسيا، واجتهاد عمر