وهذا شئ عجيب من مثله , لأن من المتفق عليه بين العلماء أن الأصل قبول رواية الثقة كما رواها , وأنه لا يجوز ردها بالإحتمالات والتشكيك , وأن طريق المعرفة هو التصديق بخبر الثقة ألا ترى أنه يمكن للمخالف لابن القيم لأن يرد حديثه «فردها على ولم يرها شيئا» بمثل الشك الذى أورده هو على حديث ابن وهب بالطعن فى أبى الزبير ونحو ذلك من الشكوك , وقد فعل ذلك بعض المتقدمين كما تقدمت الإشارة إلى ذلك , وكل ذلك مخالف للنهج العلمى المجرد عن الإنتصار لشئ سوى الحق.
على أن ابن وهب لم يتفرد بإخراج الحديث بل تابعه الطيالسى كما تقدم فقال: حدثنا ابن أبى ذئب عن نافع عن ابن عمر: «أنه طلق امرأته وهى حائض فأتى عمر النبى - صلى الله عليه وسلم - فذكر ذلك له فجعله واحدة».
وتابعه أيضا يزيد بن هارون أخبرنا ابن أبى ذئب به.
أخرجه الدارقطنى من طريق محمد بن «أمشكاب» أخبرنا يزيد بن هارون.
ومحمد بن إشكاب لم أعرفه الآن , وبقية الرجال ثقات.
ثم عرفته فهو محمد بن الحسين بن إبراهيم أبو جعفر بن إشكاب البغدادى الحافظ من شيوخ البخارى ثقة.
وتابع ابن أبى ذئب ابن جريج عن نافع عن ابن عمر:«أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: هى واحدة».
أخرجه الدارقطنى أيضا عن عياش بن محمد أخبرنا أبو عاصم عن ابن جريج.
قلت: ورجاله ثقات كلهم , وعياش بن محمد هو ابن عيسى الجوهرى ترجمه الخطيب وقال «١٢/ ٢٧٩»: «وكان ثقة» , فهو إسناد صحيح إن كان ابن جريج سمعه من نافع.
وتابع نافعا الشعبى بلفظ أنه - صلى الله عليه وسلم - قال:«ثم يحتسب بالتطليقة التى طلق أول مرة» وهو صحيح السند كما تقدم.