للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سأل بعض أهله عن المدة التي يمكن للمرأة أن تصبر عن غياب زوجها عنها، فأجابت بستة أشهر.

الذي أعتقده وأدِين الله به في هذه المسألة، أن هذا التحديد هو تحديد زمني، وليس تحديد شرعي، هذا من جانب.

من جانب آخر: هذا التحديد بالنسبة لنظامٍ عامٍّ أي: جند، لكن عندما ينحصر السؤال في فرد من الأفراد، حيث لا نظام حاكم على هذا الفرد، وإنما الحاكم هو إيمانه ودينه وخُلُقه.

هنا وهذا هو الواقع اليوم؛ لأنه ليس هناك حاكم مع الأسف، وليس هناك جماعة يغيبون ديانةً جهاداً في سبيل الله، فالواقع الآن أن هذا الحكم سيكون على فرد من الأفراد وليس على جند من الجنود.

حينئذٍ أقول: هذه المسألة لا يجوز أن يُوضَع لها حد أشهر أو سنين؛ لأن الأمر يختلف من امرأة إلى أخرى، وجاء في كلامك أنها لا ترضى أن يغيب زوجها عنها هذه المدة الطويلة، فإذا كان المقصود بعدم رضاها هو بعفة نفسها وإحصانها لها، فهذا له حكم، وهذا الذي أنا في صدد بيانه، وإن كان المقصود ما هو أوسع من ذلك، فهذا أمر لا ينضبط، فقد لا ترضى المرأة أن يغيب الزوج عنها ولو أسبوعاً، لكن إذا كان المقصود هو المعنى الأول كما ذكرت آنفاً.

حينئذٍ أقول: الحكم يختلف باختلاف الزوجين، باختلاف طبيعتهما الجنسية، وما دام أن الرجل هو الغائب، فمعناه أنه أعرف بنفسه هل يصبر أو لا يصبر، لكن المشكلة مع المرأة، فإذا كان الرجل الزوج الذي يغيب عن زوجته يعلم من زوجته أنه لا صبر لها على مفارقتها لزوجها أو مفارقته هو إياها هذه المدة الطويلة من الناحية الجنسية، فحينئذ لا يجوز للرجل أن يغيب عنها هذه المدة الطويلة.

وهذا له علاقة بمسألة لا تتعلق بالسفر، وإنما تتعلق حتى في حالة الإقامة، ولها علاقة بما كنت تدندن آنفاً حول من يتزوج أخرى ثانية أو ثالثة أو رابعة، فقد تميل نفس الزوج إلى إحدى الزوجتين أكثر من الأخرى، ويكون من نتيجة هذا الميل أن

<<  <  ج: ص:  >  >>