للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ثم أورد الإمام حديث]:

«إنما ذلك عرق وليست بالحيضة، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة، فإذا أدبرت فاغسلي عنك الدم ثم صلي، ثم توضئي لكل صلاة حتى يجيء ذلك الوقت».

[ثم قال]: والشاهد من الحديث قوله: «فاغسلي عنك الدم»، فهو دليل آخر على نجاسة دم الحيض، ومن غرائب ابن حزم أنه ذهب إلى أن قوله فيه «الدم» على العموم يشمل جميع الدماء من الإنسان والحيوان! فقال في «المحلى ١/ ١٠٢ - ١٠٣»: «وهذا عموم منه - صلى الله عليه وسلم - لنوع الدم، ولا نبالي بالسؤال إذا كان جوابه عليه السلام قائما بنفسه غير مردود بضمير إلى السؤال»! وقد رد عليه بعض الفضلاء، فقال في هامش النسخة المخطوطة من «المحلى» نقلا عن المطبوعة - ما نصه: «بل الأظهر أنه يريد دم الحيض، واللام للعهد الذكري الدال عليه ذكر الحيضة والسياق، فهو كعود الضمير سواء، فلا يتم قوله «وهذا عموم الخ».

قال الشيخ أحمد شاكر في تعليقه عليه: «وهو استدراك واضح صحيح».

قلت: فهذا يدلك على أن الذين ذهبوا إلى القول بنجاسة الدم إطلاقا ليس عندهم بذلك نقل صحيح صريح، فهذا ابن حزم يستدل عليه بمثل هذا الحديث وفيه ما رأيت، واقتصاره عليه وحده يشعر اللبيب بأن القوم ليس عندهم غيره وإلا لذكره ابن حزم وكذا غيره. فتأمل. وجملة القول: أنه لم يرد دليل فيما نعلم على نجاسة الدم على اختلاف أنواعه، إلا دم الحيض، ودعوى الاتفاق على نجاسته منقوضة بما سبق من النقول، والأصل الطهارة، فلا يترك إلا بنص صحيح يجوز به ترك الأصل، وإذ لم يرد شيء من ذلك فالبقاء على الأصل هو الواجب. والله أعلم.

[السلسلة الصحيحة (١/ ١/ ٦٠٥ - ٦٠٨ و ١/ ٢/ ٦٠٩ - ٦١٠)].

<<  <  ج: ص:  >  >>