للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذاً: إن صح عن أحد من الصحابة القول بأنه كفر، فيجب علينا أن نفسره كما قال ابن عباس رضي الله عنه في تأويله لقوله تعالى: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: ٤٤] قال: «كفر دون كفر» {فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: ٤٤] ليس كفروا.

كلمة كَفَر ألطف من كافر؛ لأن كفر فعل ماض أي: صدر منه كفر، أما كافر فهو اسم فاعل، فإذا حاكم ما أو أمير ما عدل يوماً ما تقول عنه إنه عادل؛ لكون سائر حياته الظلم، وتستطيع أن تقول عنه إنه عَدَل والعكس بالعكس إذا كان عادلاً، لكنه في حكومة ما في قضية ما ظَلَم فتقول: إنه ظَلَم، فلا يجوز أن تقول عن الأول الظالم، والذي عَدَل مرة إنه عادل، كما أن العكس أيضاً لا يجوز، أي: الذي من عادته الظلم لكنه في حكومة ما .. في قضية ما .. عدل فنقول عنه عادل! لا، نقول بالنسبة لمن كان يعدل لكنه ظلم: ظلم، لا نقول: ظالم؛ لأنه ليس من صفته أنه يظلم، والعكس بالعكس كما تبين لكم.

فإذا كان ترجمان القرآن رضي الله عنه يفسر {فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: ٤٤] بأنه كفر دون كفر.

فإذا جاء نص في الكتاب أو في السنة في جنس ما أو في شخص ما بأنه كفر، فيُمكن أن يكون من باب تفسير ابن عباس لقوله تعالى {فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} [المائدة: ٤٤] أي: كُفر دون كُفر.

وإذا جاء الحديث، حديث الشفاعة في الصحيحين صريحاً في أن من كان تاركاً للصلاة، بل ومن لم يعمل خيراً قط يخرج من النار، فما ينبغي أن نقول عنه: إنه كافر بالمعنى الذي يتبادر إلى ذهن السامع، أي: إنه مخلد في النار.

هذه هي من شؤم أخذ الآثار التي تُروى عن السلف، دون بحث وتحقيق، وفي قضايا هامة جداً، كمثل تكفير المسلم الذي يشهد أن لا إله إلا الله.

وهذه الشهادة التي قال فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من قال: لا إله إلا الله نفعته

<<  <  ج: ص:  >  >>