للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما هذه الكلمة التي تُشَاع في هذا الزمان، وهي مخالفة وليّ الأمر، هذه مع الأسف يستغلها كثيراً من الدعاة، الذين يزعمون أنهم من الدعاة إلى الإسلام، لا يجوز مخالفة ولي الأمر.

أنا أقول معهم: لا يجوز للمسلم أن يُخالف ولي الأمر، لكن ما صِبْغَة ما صفة هذا الولي؟

أنتم تعرفوا أن الولاية قسمين، ننتقل بها إلى موضوع له علاقة بالتصوف، تعرفون أن ابن تيمية أَلَّف رسالة «الفرق بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان».

ففي أولياء يزعم كثير من الناس، أنهم يطيرون في الجو ولا كالصقر، ولا كالنسر، أكثر من ذلك، بحيث يُصْبِح هنا ويصلي الظهر في مكة، والعكس بالعكس وهكذا.

هؤلاء أولياء، ولكن أولياء من؟ أولياء الشيطان، وليسوا أولياء الرحمن.

فقالوا بأن ابن تيمية رحمه الله ذات مرة رأى ناساً من هؤلاء، متظاهرين في أزقة دمشق، هذا قبل يمكن سبعة قرون تقريباً وهم مسلسلون بالأغلال، ومُغَلَّلون بالأفاعي الضخام في أعناقهم يرهبون الناس.

وبهذا الإرهاب، يتظاهرون بأنهم أبناء الشيوخ، أي شيوخ الطريق، هذه الأفاعي لا تضرهم، وأنهم يدخلون النار، وفعلاً يدخلون النار، لكن بحيل شيطانيه.

لكن هذا الرجل ابن تيمية رحمه الله؛ لقوة إيمانه بالله تبارك وتعالى: وخاصة بقوله تعالى: {وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} [العنكبوت: ٦٩].

وقوله: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [غافر: ٥١].

كان قد تَحَدَّاهم، ودخل علي الأمير، أمير البلد يومئذ بدمشق، وقال له: أنا أُريد أن أدخل مع هؤلاء التَنَوُّر، الذي هم يُلْقُون أنفسهم فيه، ولا يحترقون كما يزعمون، ومن احترق منا فهو الكاذب، ولكن لي شرط واحد، وهو أن تأمر بنزع هذه الثياب عنهم، وأن يدخلوا الحمام وتُغَسَّل أبدانهم بالخل، ويُكْسَون ثيابًا بيضاء نظيفة، ثم أنا أدخل معهم التَنوّر، فمن احترق فهو الكاذب.

<<  <  ج: ص:  >  >>