وذلك يعود إلى سبب من سببين اثنين: إما ألاَّ تطرق هذه الأحاديث أسماعهم مطلقاً، أو أنها طرقت أسماعهم، ولكن بأسانيد لم تصح عندهم، ولذلك أعرضوا عن العمل بها، فهم على كل حال سواء كانوا على الاحتمال الأول أو الآخر فهم معذورون.
بعض هؤلاء الذين وصلت إليهم هذه الأحاديث، وأكثرهم من المقلدين المتبعين للأئمة المجتهدين، لما وقفوا على هذه الأحاديث، كان موقفهم منها موقف المُقَلّد مما سواها من النصوص.
فقد تأولوها بحيث أنها لا تتعارض مع مذهبهم الذي ينص على أن للأجل ثمناً، وأنه يجوز أخذ الزيادة مقابل الأجل، فماذا قالوا نهى عن بيعتين في بيعة؟
قالوا: هذا محمول النهي فيه على جهالة الثمن، أي: حينما يقول البائع: هذا بكذا نقداً وبكذا وكذا نسيئة، صار هنا ثمنين.
فحينما يقع البيع، يقع البيع على الجهل بالثمن؛ لأنه لم يكن محدداً، كان يتراوح في مثالها بين المائة والمائة وعشرة، هكذا قالوا.
لكن الحديث يعطينا نصاً أن علة هذا النهي في هذا الحديث أو في الحديث الآخر، ليس هو الجهالة بالثمن، وإنما هو الربا، لأنه قال:«فله أوكسهما أو الربا».
بناء على ذاك التأويل جاؤوا بصورة هي ألصق ما تكون بما يسمى عند بعض الفقهاء بالحيل الشرعية، يقول: إذا جاءك الشاري يريد أن يشتري منك تلك الحاجة، وأنت تعلم أنه يريد أن يشتريها منك إلى أجل بالتقسيط، فقلت له: ثمنها مائة وعشر، هنا لا يوجد بيعتين في بيعة.
إذاً: هنا لا مخالفة للحديث، لكنكم لعلكم تشعرون معي، بأن هذا أولاً: هو تَمَسُّك باللفظ دون المعنى.