للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا التأويل مردود بدليلين اثنين، الدليل الأول: -وهو الأهم- أنه مُعارض للتعليل المنصوص في الحديث الأخير «من باع بيعتين في بيعة، فله أوكسهما أو الربا».

فإذاً: العلة الشرعية هي علةٌ ربوية، وليست علة جهالة الثمن. هذا هو السبب الأول.

السبب الثاني: أن الواقِعَ يشهد بأن هذا التعليل باطل؛ لأن الشاري والبائع حين ينفصل أحدُهما عن الآخر، خاصةً في هذا الزمن الذي نُظِّم بيع الأجل بما يسمى اليوم بالكمبيالات، فلا ينفصل أحدهما عن الآخر إلا وقد تحدد أحد الثمنين، فأين الجهالة التي يَدَّعونها؟ ! مافي جهالة في الموضوع أبدًا.

ولذلك بنوا على هذا التعليل المنقوض من الناحيتين الشرعية والنظرية الواقعية، بنوا على ذلك صورة شكلية، يعني ممقوتة جدا؛ لأنها تشبه حِيَل اليهود، يقولون للشاري: أنت لما بدك تشتري بالتقسيط، لا تروح عند التاجر مثلا بَيَّاع السيارات، قل له قد أيش السيارة نقدا وقد أيش التقسيط، لأنه هيك تقع في مخالفة الحديث في الظاهر، لكن قل له قد أيش هذا السيارة بالتقسيط، هنا ما في ثمنين هيك زعموا ما في ثمنين.

طيب، لو أنه واحد وجد هذا السعر غاليا، فبيقول وقد إيش أنت بتبيع بالنقد؟ هذا لف ودوران، خاصةً إذا تذكرنا قول الرسول عليه السلام «فله أوكسهما» أي: أنقصهما ثمنا أو الربا يعني الزيادة، هذا شيء.

شيء ثاني في الموضوع -وهو قوي جدًا- فيما إذا تَجَرَّد الإنسان عن العادات والفتاوى التي تصدر عن بعض أهل العلم، شو الفرق بين إنسان يأتي عند الغني غنيٌ ما وما نقول البنك لأنه سيفهم البنك يعني بصورة أتوماتيكية، فيأتي رجل ما عنده ثمن السيارة عند الغني، بيقول له: أنا أُريد أشتري سيارة، وأنا بحاجة إليها، وثمنها مثلا أربعة آلاف دينار فأقرضني إياها وأنا باعطيك مثلا مكافأة مائة دينار، لا، هذا ربا هذا حرام هذا ما يجوز، بس أنا مضطر الله يرضى عليك، بيقول: أنت

<<  <  ج: ص:  >  >>