للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم جاء المدين الفقير سَلَّم على المحسن إليه، واعتذر عن تأخره بسبب انشغاله في تجارته، ثم نقده مائة دينار، تجاهل ذلك الأمر كله؛ لأنه يعلم أن هذا فوق العقل، خشبة تُلْقِى في البحر، من أين أن تصل هذه الخشبة ليد الغني، طبيعي يعني غير معتاد، فهو تجاهل الأمر ونقده مائة دينار.

الغني يبدو أنه صالح كالفقير وأن الطيور على أشكالها تقع يقولون قديماً.

لما رأى مائة دينار أخرى أمامه لم يسعه إلا أن يُحَدِّثه بما وقع له، أنه خرج اليوم الموعود ليتلقاه فما وجد إلا هذه الخشبة، فلما كسرها وجد فيها مائة دينار.

قال: والله أنا فعلت هذا؛ لأني أنا متواعد معك نحضر في اليوم، وعرفت أنني سوف لا أستطيع فأخالف الوعد، فأخذت خشبة ودككت فيها المائة دينار وأرسلتها بطريق غير طبيعي، قلت: اللهم أنت الكفيل، وأنت الشهيد، فقال الغني: قد وَفَّى الله عنك، فبارك الله لك في مالك وأعاد إليه المائة دينار.

هو دفع مائة دينار بطريق الخشبة ودفع بمائة دينار من يده إلى يد الغني، فالغني بإخلاصه وإيمانه الصادق كان باستطاعته أن يتجاهل قصة الخشبة، ومن الذي سيشهد عليه أنه أخذ خشبة من البحر وفيها مائة دينار؟ ! لكن هذا متقي لله وذاك متقي لله، فانظروا كيف سَخَّر الله البحر لهذا المتقي لله عز وجل، فحفظ له ماله.

هذه قصة من حديث رسول الله، ليست من الإسرائيليات التي امتلأت بها كتب التفسير.

القصة الأخرى: وهي في صحيح مسلم، قال عليه الصلاة والسلام: «بينما رجل ممن قبلكم يمشي في فلاة من الأرض» يعني: أرض صحراء ليس فيها ساكن «إذ سمع صوتاً من السحاب: اسقِ أرض فلان» الملك يقول للسحاب: اسقِ أرض فلان، يسميه بالاسم.

<<  <  ج: ص:  >  >>