انقضت عُدَّتُها ثم جاءت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقالت: يا رسول الله! انقضت عدتي، وقد خطبني فلان وفلان .. خطبني أبو جهم بالميم، وليس أبو جهل ذاك قتيل وخبيث، خطبني أبو جهم ومعاوية بن أبي سفيان، هي تعرض عليه - صلى الله عليه وسلم - هذين الخاطبين لترى رأيه فيهما ليرى رأيه فيهما، فماذا كان قوله عليه السلام؟ لم يكن قوله كقول ذلك الإنسان: كل الناس خير وبركة. وإنما ذكر عيب كلٍ منهما بالنسبة للواقع وهو السؤال.
قال عليه السلام:«أما أبو جهم فرجل لا يضع العصا عن عاتقه». في تفسير هذه الجملة النبوية قولان:
أحدهما: أنه ضَرَّاب للنساء.
والآخر: أنه كثير الأسفار؛ لأن العرب حينما يسافرون يضعون العصا على العاتق، واِلمزْود على الخلف ويتم ماشيًا.
على كل حال هذه العبارة كناية عن أحد المعنيين، وكل منهما عيب في الرجل لا ترضاه الزوجة أو المرأة المخطوبة، هذا وصفه عليه السلام للخاطب الأول وهو أبو جهم، وصفه بهذا الوصف المُنَفِّر للمرأة منه.
ثم قال عليه السلام:«وأما معاوية فرجل صعلوك» صعلوك: يعني فقير، لا جاه له، لا مال له .. إلى آخره.
ماذا كان موقف المرأة تجاه هذا الوصف؟ لا رغبت لا في هذا ولا في هذا، الجهال اليوم يقولوا: قطع من نصيبها. هذا هو الجهل بعينه.
لكنها قالت بعدما رأى منها الإنزواء والانحراف عنهم عرض عليها أسامة بن زيد، فرضيت به، قالت: فاغتبطت به. يعني: انبسطت معه.
الشاهد: قوله عن أحدهما أنه ضَرّاب للنساء غيبة. وعن الآخر: أنه صعلوك فقير لا قيمة له غيبة.
لكن هذه الغيبة مُغْتَفرة، بل واجبة في سبيل نصح المرأة.