المستفتي: هذه قضايا تقع كثيراً، وكثيراً جداً في كل زمان ومكان، مما وقع في عهد الرسول عليه السلام، جاءت هند امرأة أبي سفيان فقالت:«يا رسول الله! إن زوجي رجل شحيح».
بخيل، هنا الغيبة، الرجل غائب والزوجة تستغيبه، أي: تتكلم كلام في غيبته يكرهه.
«أفآخذ من ماله ما يكفيني أنا وأولادي؟ »
هل كان موقف الرسول مثل موقف هؤلاء المُتَوَرِّعين الباردين: اسكتي يا حرمة هذه استغابة لزوجك، لا يجوز.
وإنما أصغى إليها وسكت عن قولها، وأعطاها جواب سؤالها، فقال لها:«خذي من ماله ما يكفيك أنت وولدك بالمعروف».
إذاً: سكت الرسول عليه السلام عن هذه الغيبة؛ لأن المستغيبة مستفتية تُريد أن تعرف حكم الله بالنسبة لهذه الحال التي هي مع زوجها، فالزوج يبخل عليها، ولا يُقَدِّم لها ما يجب عليه لها، ولأولادها من النفقة، فهي تشعر أنها بحاجة أن تأخذ من ماله، ولكنها لا تُريد أن تُقْدِم على أخذ هذا المال إلا بعد السؤال للرسول عليه السلام، ومعرفة الحكم الشرعي في ذلك، وهذا من ورع الصحابيات وخوفهن من الله عز وجل، وأنهم لا يقدمون على شيء إلا بعد سؤال أهل العلم.
فالرسول - صلى الله عليه وسلم - قال لها:«خذي أنت وولدك من ماله» بشرط ما يكفي.
أي: ليس معنى ذلك أن تأخذي مثلما تشائين، وتتصرفي كأن المال مالُك، لا، إنما خذي أنت وولدك ما يكفيك من ماله بالمعروف.
فالشاهد: هذا الحديث هو من جملة الأدلة على النوع الخامس الذي ذكره الفقيه الشاعر في بيته وهو قوله: ومستفت.