للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذه الآية: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: ٤٣]، أنت إما أنك من أهل العلم أو من الطرف الآخر، فإذا كنت من أهل العلم، فتكلَّم واتق الله ولا تتكلم بالهوى، وكثيراً ما يردني هذا السؤال، فأنا أسأل قبل أن يجيب، هل هذا الذي يفتي بهذه الفتوى، أنه يجوز له أن يستغل جهود غيره العلمية، وينتفع بها هو مادياً يفتي نفسه بجواز ذلك، هل هو من أهل العلم؟

أنا لا أجد عالماً، أو على الأقل لا أعلم عالماً يفتي بمثل هذه الفتوى، «لكنني أنا أفتي أن رجلاً إذا أخذ كتاباً من كُتُبي فضلاً عن كتب غيري أنا، وطبعها ووزعها لوجه الله لا يريد من وراء ذلك كسباً مادياً، فهذا ينفعنا ولا يَضُرنا»، أما أن يستغل جهودنا، خاصة هذه الجهود التي لا يعرفها إلا من باشرها ووقع فيها، «وهي جهود التصحيح والمقابلة مرة أولى وثانية وثالثة .. بعض إخواننا مثل أخونا عليّ ربما أنت وأمثالك لهم بعض المشاركة، يعرف أن هذه الأمور أمور متعبة ومتعبة جداً غير مجرد التأليف»، أنا قلت مرة لبعضهم وهم من الذين يتشددون، وهو نوع آخر غير النوع الذي أنت تسأل عنه، ويقولون: لا يجوز لمؤلف الكتاب أن يستفيد مادياً.

فنحن لِنُفَهِّمه هذه الحقيقة التي أشرت إليها آنفاً، أن تأليف هذا الكتاب ليس هو مجرد فتوى أنا أفتيكم بها وأُطالبكم بثمنها، هذا حرام، هذا شراء للعلم بالمال، وهذا محرماً كتاباً وسنة وإجماعاً.

ولكن لست أنا مكلفاً أن إذا أفتيتك بفتوى أن أكتبها، أقول لك اكتبها، أنت كيفما تشاء وتريد.

فأنا أقول: هل يجوز طبع المصحف وأخذ الأجر على هذه الطباعة أم لا، ثم يأتي بعد ذلك دور الكتاب الإسلامي أيّ كتاب كان؟

هنا يقف المسكين حيران، فإذا قال لا يجوز تعطلت مصادر المسلمين في كتاب ربهم وكتب السنة والفقه والحديث .. إلى آخره.

فإذا قيل -وهو الحق- نعم يجوز، هذا الجائز ليس مُقابل بيع العلم، لا، وإنما هو مقابل جهود تنفق في سبيل نشر هذا العلم بطريقة معينة وهو الطباعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>