للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مداخلة: نسينا السؤال.

الشيخ: هنا يأتي البحث في الضرائب وفي المكوس، فأقول الآن ما هو المُسَوِّغ لتشريع إذا صح التعبير أيضاً ولنقل: إلى التقنين وفرض ضرائب على الأمة، ما هو الدافع؟

هو حاجة الدولة إلى أن يكون في خزينتها مال وفيرٌ لتقوم بمصالح الأمة، علماً كما نقول دائماً وأبداً، وكما قلنا في تلك الجلسة التي أشرنا لكم إليها آنفاً، وما تحدثنا بما وقع فيها من التفصيل حول البدعة، وإنما تسلسلت بالكلام حتى وصلتُ إلى هذه النقطة وهي المصالح المرسلة، فنقول: إن هذه الضرائب توضع لمصلحة الأمة ... وإن كان في هذه المصالح مفاسد لابد من التنبيه عليها.

فإن كثيراً من هذه الأموال التي تُجْمَع باسم الضرائب وباسم تحقيق مصلحة للأمة، تُصرف فيما فيه مَضَرَّة للأمة، لكن لا ينبغي أن نشتط في الحمل على هذا الصرف، فلابد أن قسطاً كبيراً من هذه الضرائب تُصرف فعلاً في مصلحة الأمة، كتعبيد الطرق وتمديد الجسور ونحو ذلك، لكن ما هو السبب الذي تدفع الحكومات الإسلامية على فرض الضرائب؟

السبب هو إهمالهم للقيام بكثير من الأحكام الشرعية، أول ما يتبادر إلى الذهن أن الحكومات الإسلامية كلها أو على الأقل جُلّها، لم تجعل نظام الزكاة نظاماً مفروضاً في حكمهم ونظامهم، وبذلك خسرت الخزينة الملايين المملينة من الأموال التي كان باستطاعتها أن تجمعها بطريقة شرعية.

فإذاً: خسرت الدولة هنا ولا شك أموال كثيرة، كيف يُعَوِّضون هذه الخسارة بفرض ما ليس فرضاً، بل وما لا يكون جائزاً في الإسلام ألا وهي المكوس.

وهناك سبب آخر ومهم جداً جداً، ولكنه لا يبدوا لكثير من أذهان الناس أنه واضح، وأن له صلة وثقى بما نحن في صدده، أنه من الأسباب الشرعية لتكثير مال الدولة ليس كنظام الزكاة، لكنه في اعتقادي قد يكون أعظم من نظام الزكاة في بعض الأزمان، ويقيناً هو أعظم من نظام الزكاة لو طُبِّق في هذا الزمان، ما هو؟

<<  <  ج: ص:  >  >>